كاتب سعودي
كانت أولوياته استضافة الخونة في خيمة الخيبة لتدبير المؤامرات ضد المملكة وقادتها، وضد دول عربية. كان طموحه أن يتزعم العالم العربي، ويتزعم أفريقيا، وربما صدق أنه من خلال خيمته وكتابه الأخضر يستطيع تزعم العالم
لم تكن تجربة القذافي ناجحة في أي مجال لا في الداخل ولا في الخارج. كان مشتتاً غير مستقر التفكير، ليس لديه أولويات ولا مشروعات تنموية. فشل في أفكاره الوحدوية، فشل في شطحاته الإدارية ولجانه الثورية. فشل في صداقاته – إن كانت له صداقات – وفي عداواته وما أكثرها. فشل في قيادة ليبيا واستثمار ثرواتها في التنمية الداخلية وبناء دولة مؤسسات حديثة بدليل ما آلت إليه ليبيا بعد رحيله. فشل في التنظير والتطبيق في كل شيء، حتى البنية التحتية في ليبيا لم تكن متوافقة مع بلد نفطي. خذ مثلاً:
في زيارة الملك خالد – يرحمه الله – إلى ليبيا عام 1980، كان الدكتور غازي القصيبي – يرحمه الله – أحد المرافقين
ومن ذكرياته عنها ما يلي (نزل الملك في قصر الضيافة، وهو مبنى صغير قديم في أطراف بنغازي، ونزلنا نحن في الفندق الرئيسي في بنغازي وهو طلل تاريخي عاصر أكثر من حرب عالمية. كان التليفون لا يعمل. ولا توجد في الفندق خدمة للغرف. وفي المساء اكتشفنا أن المكيف معطل فاضطر كل واحد منا أن يسحب سريره وينام في البلكونة.
( من كتاب، الوزير المرافق/ د. غازي القصيبي)
قاد الفشل القذافي إلى ممارسة الفوضى وطرح الأفكار والنظريات غير المنطقية (الكتاب الأخضر). ولجأ إلى البهرجة والشكليات والخطابات المطولة وتخريب المؤتمرات العربية. أصيب بداء العظمة فوجد أن ذلك لا يكتمل دون خيمة تجعله مختلفاً عن الآخرين. لم تكن الخيمة رمزاً للتواضع، ولم تكن لوضع خطط ومشروعات التنمية، ولكنها كانت لحياكة المؤامرات ضد المملكة ودول عربية أخرى. كان ينتقد الجميع وبيته من زجاج.
كانت شعاراته الثورية المعادية للغرب وأمريكا مجرد تغطية لمخططات سرية مناقضة لتلك الشعارات. في المباحثات بين وفدي المملكة وليبيا خلال الزيارة المشار إليها، وحسب رواية الدكتور غازي القصيبي المعروف بمصداقيته وذاكرته القوية كان الجانب الليبي يطالب بقطع البترول عن أمريكا، وسحب الأرصدة، وفي نفس الوقت كانت ليبيا تجري اتصالات مع أمريكا لتوطيد العلاقة معها. ونعلم أنه خلال الحظر البترولي رفضت ليبيا الالتزام بهذا الحظر. (الوزير المرافق / د. غازي القصيبي)
نظام القذافي اختزل ليبيا في خيمة للمؤامرات، ورفع الشعارات، وخداع الناس بالخطابات التي لا تتفق مع الواقع. كان يدعو إلى الوحدة العربية ويدعم إيران في حربها ضد العراق. يدعو إلى الوحدة العربية ويتآمر على السعودية ومصر والسودان. كانت الخيمة العربية رمزا للأمن والكرم، فحولها القذافي إلى وكر للخيانة والمؤامرات، ومجلس لممارسة النرجسية والكذب، وطرح الأفكار الهدامة. نظام مشتت، أهمل العمل الحقيقي المنتج، وأعطى الأولوية للشعارات والشكليات مثل مسمى ليبيا (الجماهيرية العربية الشعبية الاشتراكية العظمى) أما كتابه الأخضر فهو كما يصفه القذافي نفسه حسب رواية د. القصيبي في الكتاب المشار إليه: (نظريتي هي طريق المستقبل. لا للعرب والمسلمين فحسب بل للعالم الثالث كله وللبشرية كلها. لقد أفلست الشيوعية وانكشف إفلاسها. أفلست الرأسمالية وانكشف إفلاسها. لم يبق إلا النظرية الثالثة).
من الطبيعي لمن يفكر بهذه الطريقة أن يمتلئ عقله بالفكر التآمري وأن يستهدف الدول الناجحة المتميزة بقادتها ومسيرتها التنموية واستقرارها مثل المملكة العربية السعودية. وهذا كان شغله الشاغل، لم يكن يهتم بالداخل الليبي، لم تكن من أولوياته قضايا التعليم، والاقتصاد والمشروعات التنموية التي تؤمن حياة كريمة لليبيين. كانت أولوياته استضافة الخونة في خيمة الخيبة لتدبير المؤامرات ضد المملكة وقادتها، وضد دول عربية. كان طموحه أن يتزعم العالم العربي، ويتزعم أفريقيا، وربما صدق أنه من خلال خيمته وكتابه الأخضر يستطيع تزعم العالم.
كانت خيمة هي الخيبة بعينها، كانت هروباً من الفشل والتآمر لمنع الآخرين من النجاح.
المصدر: الرياض