تعود التطورات الأخيرة في العراق التي تمكَّن خلالها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» من احتلال مساحات واسعة من البلاد، بالفائدة «العسكرية» على هذا التنظيم داخل سوريا المجاورة وبالفائدة «السياسية» على نظام الرئيس بشار الأسد، بحسب ما يرى خبراء.
ويقول مؤلف كتاب «سوريا: لماذا أخطأ الغرب؟» باللغة الفرنسية، فريديريك بيشون، إن هذا الوضع ممتاز بالنسبة إلى بشار الأسد من الناحية السياسية والجيوسياسية «لأن واشنطن ولندن ستجدان نفسيهما في الخط نفسه إلى جانب دمشق، في مواجهة ما يبدو تهديداً واضحاً للمنطقة وللغرب ولأوروبا».
وطالب الغرب برحيل الأسد الذي أعيد انتخابه الأسبوع الماضي في عملية اقتراع وُصِفَت بـ «المهزلة» واقتصرت على المناطق التي يسيطر عليها نظامه.
إلا أن تردد الغرب في دعم المعارضة بالسلاح والدعم الثابت الذي يتلقاه جيش الأسد من إيران وروسيا خصوصاً، مكَّناه من البقاء، رغم خسارته لمساحة تزيد على 50 % من البلاد باتت تحت سيطرة المعارضة المسلحة.
ويقول مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية، بسام أبو عبدالله، إن ما يجري في العراق يعزز موقف النظام السوري، مضيفاً «أعتقد أنهم -الغرب- سيتراجعون قريباً لأن ثمة خطراً داهماً على أمن واستقرار المنطقة ككل».
في المقابل، يعتبر كبير المتخصصين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة «أي ايش ايس» المتخصصة في تحليل المخاطر ومقرها لندن، فراس أبي علي، أن ما يجري في العراق قد يعرِّض النظام السوري لضررين، «فمن شأن انسحاب الجيش العراقي من الحدود حرمان النظام من استقدام معدات من العراق».
ويتابع بقوله «كما أن انسحاب الأعداد الكبيرة من المتطوعين الشيعة من أجل الدفاع عن بغداد سيكون له تأثير على موازين القوى».
ويشارك آلاف المقاتلين من العراقيين في المعارك إلى جانب قوات النظام السوري في عددٍ من بلدات ريف دمشق ضد مقاتلي المعارضة.
من جانبه، يستفيد تنظيم «داعش» في سوريا من التطورات في العراق مالياً وعسكرياً.
ويؤكد الاختصاصي في مجموعات التطرف في المنطقة، رومان كالييه، أن «السيطرة على الموصل ستعزز من نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية في العالم وفي سوريا».
ويقول كالييه «البعض يعتقد أن تمكن التنظيم من السيطرة على الفلوجة والرمادي (جزئياً) وعلى الموصل دون دعم خارجي قد يمكنه من السيطرة على مدن سورية كبرى، وهذا ما لم يتمكن مقاتلو المعارضة من فعله رغم الدعم الخارجي».
وتمكن التنظيم من السيطرة على أجزاء واسعة من المناطق السنية في العراق وبخاصة في غرب وشمال العاصمة بغداد إثر هجمات أرغمت الجيش العراقي على الانسحاب من هذه المنطقة.
ويعتبر الباحث في معهد بروكينغز الدوحة، تشارلز ليستر، أن ذلك لن يغير من المعادلة في سوريا، إلا أن التنظيم سيخرج «أقوى وأكثر ثقة بنفسه».
ويرى ليستر أن التنظيم «أصبح قوة ذات شأن وما قام به في العراق سيعزز قوته دون أدنى شك لمحاربة بقية القوى المعارضة في سوريا».
ويوضح الباحث «لقد نقل التنظيم كثيراً من العتاد من العراق، بالإضافة إلى مجندين إضافيين في شمال وشرق سوريا»، لافتاً إلى أن «ذلك سيساعده في شن هجمات مضادة في دير الزور (شرق) وفي غرب حلب (شمال)».
كذلك، ينقل التنظيم كمية كبيرة من الأسلحة التي استولى عليها في العراق إلى سوريا عبر معبر الهول غير الرسمي الذي يسيطر عليه في شرق البلاد، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ومنذ مطلع يناير الماضي، تدور معارك عنيفة بين «داعش» وكتائب من المعارضة السورية المسلحة أبرزها جبهة النصرة، أدت إلى مقتل أكثر من 6 آلاف شخص، بحسب المرصد.
المصدر: بيروت – أ ف ب – الشرق