أعلن تنظيم «داعش» أمس، مسؤوليته عن مجزرة نيس التي تشكل من حيث حجمها وطريقة تنفيذها وشخصية منفذها، تحدياً جديداً لفرنسا في مواجهة «هجمات من نوع جديد» وفق السلطات. وفيما بدأت فرنسا الحداد رسميا أمس، دعت مارين لوبن زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، أمس وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف إلى الاستقالة بعد الاعتداء الذي قالت إنه أظهر «تقصيراً خطيراً» للدولة منذ موجة الاعتداءات التي بدأت في 2015. وقالت لوبن «في أي بلد في العالم كان وزير مثل برنار كازنوف سيستقيل مع مثل هذه الحصيلة المروعة – 250 قتيلاً في 18 شهراً»، في إشارة إلى الحصيلة الإجمالية لضحايا اعتداءات يناير ونوفمبر 2015 و14 يوليو في نيس.
وكان ناجون أو أقارب ضحايا لا يزالون تحت وقع صدمة هذه المجزرة التي نفذت بوساطة شاحنة سحقت أطفالا تحت إطاراتها، يسعون أمس، للحصول على معلومات أو دعم نفسي في مستشفيات عدة في هذه المدينة الواقعة في جنوب شرق البلاد.
وقتل 84 شخصاً بينهم 10 من الأطفال والفتية ليل الخميس الماضي كانوا متجمعين لمشاهدة الألعاب النارية بمناسبة العيد الوطني الفرنسي عندما انقضت الشاحنة التي كان يقودها التونسي محمد لحويج بوهلال (31 عاماً) على الحشد ودهست الناس تحت عجلاتها الضخمة على مدى كيلومترين.
وكان خمسة أطفال لا يزالون أمس، بين الحياة والموت، بينهم طفل في الثامنة مجهول الهوية. كما لم يتم التعرف إلى 16 جثة.
ويبدو أن منفذ الهجوم الذي قال التنظيم الإرهابي إنه «أحد جنود داعش» شخص غير متزن لم يكن لديه أي صلة بالتطرف. وقال وزير الداخلية برنار كازنوف في ختام اجتماع أزمة للحكومة في قصر الاليزيه إن منفذ اعتداء نيس الذي أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عنه، «اعتنق الفكر المتطرف بسرعة كبيرة على ما يبدو. هذا ما يرشح من شهادات المقربين منه».
وأضاف أن «أفراداً يتأثرون برسالة داعش باتوا ينفذون أعمالاً بالغة العنف من دون أن يكونوا قد شاركوا في معارك أو تلقوا تدريبات بالضرورة أو حصلوا على أسلحة». وأوضح «إننا أمام اعتداء من نوع جديد يؤكد الصعوبة القصوى لمكافحة الإرهاب».
ثغرات أمنية
ووضع أربعة أشخاص مقربين من التونسي في السجن على ذمة التحقيق. وكانت الزوجة السابقة لمنفذ الاعتداء لا تزال صباح أمس، محتجزة على ذمة التحقيق. واعتداء نيس ثالث اعتداء دامٍ يستهدف فرنسا بعد الاعتداءات على مقر شارلي ايبدو في يناير 2015 ويهود وشرطيين (17 قتيلا) والاعتداءات التي نفذت في نوفمبر 2015 (130 قتيلاً في باريس).وأشاع الاعتداء صدمة في البلاد لكن الوحدة الوطنية التي تم التذرع بها في الاعتداءات السابقة، لم تصمد هذه المرة بعد أن أتهم مسؤولون من اليمين واليمين المتطرف السلطات بأنها لم تتخذ تدابير أمنية كافية في حين أن البلاد في حال تأهب منذ نوفمبر 2015 بسبب المخاطر الإرهابية.
وخلال الاجتماع الطارئ أمس وجه الرئيس فرنسوا أولاند دعوة «للتعايش» و«وحدة» فرنسا ودان «المحاولات لتقسيم البلاد» بحسب المتحدث باسم الحكومة ستيفان لو فول. وأضاف «الفكرة التي يكونها (الرئيس) عن فرنسا هي أن عليها أن تبقى بلد التعايش الذي يحترم قيم الجمهورية ومبادئها».
وألغى أولاند جزءاً من جولة أوروبية كانت ستقوده الأربعاء الماضي إلى النمسا وسلوفاكيا والتشيك بسبب اعتداء نيس، وفق ما أفادت الرئاسة الفرنسية.
في المقابل، أبقى هولاند زيارتين سيقوم بهما الثلاثاء للبرتغال والخميس لايرلندا. والهدف من هذه الجولة بحث خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتساءلت صحف عدة أمس، عن الطريقة التي نجحت فيها الشاحنة المبردة التي تزن 19 طناً من الدخول مساء الخميس إلى موقع مخصص للمشاة تؤمن قوات الأمن حمايته خصوصاً بمناسبة العيد الوطني.
ورفض وزير الداخلية هذه الانتقادات مؤكداً أن قوات الشرطة كانت «منتشرة وبكثافة» مساء الخميس. وذكر بأن الشاحنة اقتحمت المكان بعد أن صعدت على الرصيف.
المصدر: الإتحاد