كاتب سعودي
قبل سنوات قابلت إماما وخطيبا في أحد الجوامع أعرفه جيدا، وبعد السؤال عن الحال والصحة والأخبار أفادني بأنه كان مسافرا في كندا لمدة ثلاثة أشهر خلال العطلة الصيفية، ولماذا كندا يا شيخنا الفاضل وهي دولة كافرة لا تصلح عاداتها وتقاليدها وطبيعة الحياة فيها لكم؟ أجاب لهذا السبب ذهبت إليها فقد كنت منتدبا من وزارة الشؤون الإسلامية للقيام بدعوة المجتمع الكندي إلى الإسلام وتبيان فضائل الدين الإسلامي لعل الله يهدي من يشاء منهم. قلت إنني أعرف ذلك الشخص جيدا، فهو لا يعرف كلمة إنجليزية واحدة، ولم يسبق له السفر حتى إلى دولة عربية، ويعيش في مدينة صغيرة معظم الوقت لا تتيح له حتى معرفة الاختلافات الاجتماعية في مناطق المملكة الأخرى. وددت أن أسأله عن الكيفية واللغة والمضمون الذي كان يستخدمه في دعوته داخل المجتمع الكندي لكني رأيت أن ذلك نوع من العبث لا يجب أن أدخل فيه، لأن «الكتاب باين من عنوانه» كما يقال.
موضوع الدعوة في دول العالم كان موضوعا ملتبسا تكتنفه كثير من الجوانب التي كان يجب الانتباه لها وتصحيحها، هذا إذا لم نقل إنه في حد ذاته قد تسبب في إشكالات عديدة وربما إساءات لحقت بديننا العظيم نتيجة الجهل بعقلية المجتمعات الأخرى وسيكولوجية التخاطب معها إضافة إلى تدني علم وقدرة وكفاءة بعض الذين انتشروا في بلدان العالم تحت مظلة الدعوة، وإذا أضفنا إلى ذلك توظيف بعض الأجندات والتوجهات الخاصة ببعض الدعاة الذين لا ينضوون تحت المؤسسة الرسمية فقد نتوقع طبيعة الضرر الذي ألحقوه بنا كوطن ومجتمع إضافة إلى الضرر الذي ألحقوه بمفهوم الدعوة إلى الله.
قبل ثلاثة أيام صرحت وزارة الشؤون الإسلامية بقرار إيقافها كافة إجراءات ودعوات ممارسة الأنشطة الدعوية في الخارج لأجل دراستها وإعادة النظر فيها. إنه قرار متأخر جدا لكنه طالما قد صدر فإنه يجب مراجعة هذا الموضوع بكامله، وهل هناك حاجة له تجلب النفع للآخرين أم أن الأخطاء التي تخللته أصبحت توجب إيقافه. لقد فضحنا بعض الدعاة بجهلهم أمام مجتمعات العالم، وتسبب غيرهم في أضرار فادحة لحقت بنا وبغيرنا.
المصدر: عكاظ