وصف المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» الأداء الإماراتي في تقرير التنافسية العالمية 2018، الذي صدر أمس، بأنه مبهر، بعد أن حلت الدولة في المرتبة الأولى بالترتيب العام إقليمياً، والأولى عالمياً في ركيزة استقرار الاقتصاد الكلّي، وفي ترتيب الـ10 الأوائل في أكثر من 100 من مؤشرات التنافسية الاقتصادية، مُنافِسةً أكبر اقتصادات العالم وأكثرها تنافسية.
وتوقع المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى، البروفيسور كلاوس شواب، فجوة عالمية جديدة بين الدول التي تدرك أهمية التحولات المبتكرة، وتلك التي لا تدركها ولا تطبقها، مؤكداً أن الاقتصادات التي تدرك أهمية الثورة الصناعية الرابعة ستكون وحدها القادرة على فتح باب الفرص أمام شعوبها.
ووفقاً للتقرير، فقد حلّت السعودية في المركز الثالث إقليمياً (المركز 39 عالمياً)، فيما كان المركز الأول من نصيب الولايات المتحدة عالمياً.
تحولات مبتكرة
وتفصيلاً، قال المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس»، البروفيسور كلاوس شواب، إن تبني أسس الثورة الصناعية الرابعة أصبح عاملاً أساسياً في تحديد القدرة التنافسية.
وأضاف شواب، أن المنتدى الاقتصادي العالمي اتبع في تقرير العام الجاري منهجاً يقيّم مدى جودة أداء الدول وفقاً للمنهج الجديد.
وتابع: «أتوقع أن نرى فجوة عالمية جديدة بين الدول التي تدرك أهمية التحولات المبتكرة، وتلك التي لا تدركها ولا تطبقها، إذ إن الاقتصادات التي تدرك أهمية الثورة الصناعية الرابعة ستكون وحدها القادرة على فتح باب الفرص أمام شعوبها».
عصا سحرية
من جانبها، قالت عضو مجلس الإدارة رئيس مركز الاقتصاد والمجتمع الجديد لدى المنتدى الاقتصادي العالمي، سعدية زهيدي، إن التنافسية ليست لعبة يفوز فيها من يحرز المركز الأول، وإنما يمكن لجميع البلدان أن تصبح أكثر ازدهاراً.
وأضافت أنه بوجود فرص لتحقيق قفزات اقتصادية، ونشر أفكار مبتكرة عبر الحدود، وأشكال جديدة لتأسيس القيمة، فإن الثورة الصناعية الرابعة تعطي فرصاً هائلة للاقتصادات كافة، مؤكدة أن التكنولوجيا ليست عصا سحرية، ويجب على الدول الاستثمار في الأفراد والمؤسسات لتحقيق وعد التكنولوجيا.
أداء مبهر
إلى ذلك، وصف تقرير التنافسية العالمية، الأداء الإماراتي بأنه مبهر، بعد أن حلت الدولة في المرتبة الأولى بالترتيب العام إقليمياً، والأولى عالمياً في ركيزة استقرار الاقتصاد الكلّي، والسادسة عالمياً في «الاستعداد التكنولوجي».
كما حلّت في ترتيب الـ10 الأوائل، في أكثر من 100 من مؤشرات التنافسية الاقتصادية، مُنافِسةً بذلك أكبر اقتصادات العالم وأكثرها تنافسية.
عربياً ودولياً
وحلّت السعودية في المركز الثالث إقليمياً (المركز 39 عالمياً)، وعُمان في المركز الرابع (المركز 47 عالمياً) أما متوسط أداء الدول العربية الأخرى فراوح بين المركزين 50 و139 (المركز ما قبل الأخير في التقرير) كان من نصيب اليمن.
أما عالمياً، فكان المركز الأول من نصيب الولايات المتحدة، التي كانت الدولة الأقرب إلى حدود القدرة التنافسية بناتج إجمالي 85.6 من أصل 100، وحلّت سنغافورة وألمانيا في المركزين الثاني والثالث تباعاً، تليهما سويسرا واليابان.
الجاهزية والأداء
وبحسب التقرير، فإن العامل المشترك بين أكثر اقتصادات العالم تنافسية، يتمثل في وجود إمكانية كبيرة للتحسين، وأوضح أنه على الرغم من أن سنغافورة أكثر اقتصادات العالم «جاهزية للمستقبل»، فإن السويد الأفضل أداء في ما يتعلق بالقوى العاملة المتمرسة رقمياً، وفي الوقت ذاته تتمتع سويسرا بأكثر العمالة فعالية لإعادة رسم السياسات وإعادة تدريبها، أما الشركات الأميركية فهي الأسرع عندما يتعلق الأمر بتبني التغيير.
عملية الابتكار
وأشار التقرير إلى أن أكثر نتائجه المثيرة للقلق هي الضعف النسبي في جميع الاقتصادات، في ما يتعلق بإتقان عملية الابتكار، بداية من توليد الأفكار وانتهاء بتسويق المنتجات.
ولفت إلى تصدّر ألمانيا هذا المؤشر، تليها الولايات المتحدة وسويسرا، إلا أن 103 دول سجلت نتيجة أقل من 50.
ويجد التقرير بشكل خاص أن الموقف، إزاء مخاطر بدء المشروعات الصغيرة والمتوسطة، يميل إلى السلبية في العديد من اقتصادات شرق آسيا، كما يخلص إلى أن كندا تمتلك القوة العاملة الأكثر تنوعاً، وأن ثقافة الشركات الدنماركية هي الأقل هرمية، وهي جميعها عوامل حاسمة في قيادة الابتكار.
سياسة الانفتاح
وشدد التقرير على أهمية الانفتاح بالنسبة للقدرة التنافسية، في وقت تتصاعد التوترات التجارية وردود الفعل السلبية ضد العولمة.
وأضاف أن الاقتصادات ذات الأداء الجيد في المؤشرات التي تدل على الانفتاح – مثل انخفاض الحواجز الجمركية وغير الجمركية، وسهولة توظيف العمالة الأجنبية، والتعاون في طلب براءة الاختراع – تحقق أيضاً أداء جيداً في الابتكار وكفاءة الأسواق، وتشير هذه البيانات إلى أن صحة الاقتصاد العالمي ستتأثر إيجاباً إذا ما عادت الدول لتبني المزيد من الانفتاح والتكامل، إلا أن من الضروري وضع سياسات يمكن من خلالها تحسين ظروف الأفراد المتأثرين سلباً بالعولمة في بلدانهم.
ووجد التقرير أيضاً أن سياسات إعادة التوزيع، وشبكات الأمان، والاستثمارات في رأس المال البشري، فضلاً عن فرض مزيد من الضرائب التصاعدية الرامية إلى معالجة عدم المساواة، لا تتسبب في إضعاف مستويات القدرة التنافسية للاقتصادات.
ونبه تقرير التنافسية العالمية إلى أن أحد العوامل المقلقة التي توضّحت من خلال تقرير التنافسية العام الجاري، هو أن جودة المؤسسات في 117 دولة من بين الـ140 دولة التي شملها التقرير، لاتزال تشكل عبئاً على القدرة التنافسية.
تصدّر أميركي
بناتج إجمالي 85.6 من أصل 100، فإن الولايات المتحدة، وفقاً للتقرير، هي الدولة الأقرب إلى حدود القدرة التنافسية، وهي الأفضل أداء في ركيزة النشاط التجاري، بفضل ثقافتها المواتية لريادة الأعمال، وكذلك في ركيزتَي سوق العمل والنظام المالي، وهي من العوامل التي تسهم في جعل النظام البيئي للابتكار في الولايات المتحدة واحداً من أفضل الأنظمة البيئية في العالم (المركز الثاني بعد ألمانيا).
ويبقى الإطار المؤسسي للولايات المتحدة سليماً نسبياً، إلا أن النتائج تشير إلى ضعف النسيج الاجتماعي، وتفاقم مشكلات الوضع الأمني.
وعلى صعيد آخر، فإن الولايات المتحدة بعيدة عن حدود التنافسية في عدد من الركائز، مثل الضوابط والتوازنات، واستقلال القضاء، والفساد.
ترتيب اقتصادات الدول
حلّت بعض اقتصادات مجموعة الـ20 في ترتيب الـ10 الأوائل، إذ جاءت ألمانيا ثالثة، واليابان خامسة، والمملكة المتحدة ثامنة.
وجاءت سنغافورة في المرتبة الثانية في الترتيب العام (بناتج إجمالي 83.5)، فيما يعتبر الانفتاح السمة المميزة لسنغافورة التي تعتبر مركزاً تجارياً عالمياً، وأحد أساسات نجاحها الاقتصادي.
كما حلّت هونغ كونغ من منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ في المركز السابع (بناتج 82.3).
وحلّت أستراليا وكوريا في المركزين 14 و15 تباعاً، وحجزتا لنفسيهما مكاناً ضمن أفضل 20 اقتصاداً.
أما في ما يخصّ الأسواق الناشئة، فحلت منغوليا في المرتبة 99، وكمبوديا في المرتبة 110، فيما جاءت جمهورية لاو الشعبية في المرتبة 112 (بناتج 49.3)، وهي تبعد أكثر من نصف الطريق عن حدود التنافسية، ما يجعل نظامها هشاً أمام أي صدمة مفاجئة، كارتفاع أسرع من المتوقع في أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة، وتصاعد التوترات التجارية.
ومن بين الأسواق الناشئة الكبيرة في مجموعة «بريكس»، فإن الصين هي الأكثر تنافسية، إذ تحتل المرتبة 28 في مؤشر التنافسية العالمية، تليها روسيا في المرتبة 43، ثم الهند في المرتبة 58.
وفي أوروبا، نرى أن دول الشمال الغربي هي الأكثر تنافسية، بينما تعتبر تنافسية دول الجنوب الغربي متوسطة، وتحتل السويد المركز التاسع عالمياً، وهي الأكثر تنافسية بين اقتصادات دول أوروبا الشمالية.
وحلّت 17 دولة، من بين 34 شملها التقرير، من دول إفريقيا جنوب الصحراء، في ترتيب الـ20 الأواخر، وتصدرت جزر موريشيوس المنطقة بالترتيب الـ49.
المصدر: الإمارات اليوم