دافوس.. من 444 باحثاً إلى 2500 سياسي واقتصادي

أخبار

ربما لم يدر في خلد استاذ علم الاقتصاد الألماني كلاوس شواب ذاته ان دعوته العام 1971 لـ444 عالماً من خبراء الاقتصاد الأوروبيين الى منتجع دافوس في شرقي سويسرا لنقاش اكاديمي بحت ستتواصل سنويا ليتحول الى ملتقى لـ2500 من كبار صناع القرار السياسي والاقتصادي في العالم.

وأعرب شواب، المتخصص في علم سياسات الشركات، عند افتتاحه أولى جلسات المنتدى عن قناعته بـ«ضرورة جمع كبار علماء الاقتصاد في اوروبا لقناعته بضرورة استعراض التطورات التي يشهدها علم إدارة الأعمال». لكنه، وربما دون ان يدري، وضع حجر الأساس لتجمع عالمي فريد من نوعه اختلفت الآراء حوله.

ولا يختلف اثنان على ان ما فعله شواب هو من احد اهم اسباب استمرار هذا المنتدى بغض النظر عن تباين وجهات النظر بين مؤيديه ومعارضيه، اذ تمكن من الحصول على غطاء سياسي مكثف لنشاط مدعوم من الاقتصاد الخاص، ونجح في اجتذاب مختلف الأطياف والأطراف اليه وجعل منتداه حديث العالم حتى وان اختلفت الآراء حوله.

ألف شركة

ويعتمد المنتدى في تمويله على أعضائه الألف من كبريات الشركات المتعددة الجنسيات تسدد كل منها اشتراكاً سنوياً لا يقل عن 28 ألف يورو الى جانب 12 ألفاً اخرى اذا رغبت احدى تلك الشركات في حضور فعاليات منتداه السنوي في دافوس وفق دليل «بيغمان» للمؤسسات الدولية الذي وثق مراحل تطور ونمو المنتدى.

لكن هذا الحشد من كبريات الشركات والمؤسسات العالمية، لا يلقى قبولًا كبيراً لدى الرأي العام، لا سيما من المنظمات غير الحكومية المعنية بالعلاقة بين قطاع الأعمال الخاص واحترام الحقوق، اذ من بين «مؤسسات دافوس» من كانت لها يد في الازمة المالية والاقتصادية العالمية التي تعصف بالعالم منذ خمسة أعوام. ويسوق ممثلو تلك المنظمات غير الحكومية دليلاً على ذلك ان بنك الاستثمار الأميركي المعروف «ليمان براذرز»، احد أسباب الأزمة قبل ان يشهر إفلاسه العام 2008، كان احد داعمي المنتدى مثل غيره من المؤسسات المالية الكبرى ايضا المتورطة في المحنة التي يمر بها العالم مع شركات اخرى متهمة بانتهاك حقوق الإنسان والبيئة.

الا ان المنتدى يرى انه «ملتقى تجتمع تحت سقفه كبار الشخصيات بهدف تنسيق التواصل بينها والالتفاف حول القواسم المشتركة في فرصة يقول المنتدى انها من الصعب ان تتكرر، مثل تلاقي رؤساء الدول والحكومات والوزراء وكبار مديري الشركات والمؤسسات والنقابات وممثلي المجتمع المدني بكافة اطيافه ليس في دافوس فقط بل في مختلف فعالياته التي يجوب بها العالم».

مشاركة نخبوية

في المقابل، يرد المنتقدون على ذلك بأن «مشاركة عدد محدود ومنتقي من منظمات المجتمع وممثلين عن الاديان الهامة في العالم لا يمثلون ثقلا داخل المنتدى، بل ان حضورهم ما هو الا لذر الرماد في العيون، اذ لا توجد شخصيات ذات ثقل تمثل الأديان الأكثر انتشاراً في العالم، كما لا تتمكن النقابات والمنظمات غير الحكومية الهامة والمتميزة من عرض وجهة نظرها بشكل كامل وان حدث فليس بشكل قوي بل على الهامش».

متخصصون ودوريات

بينما يقول انصار المنتدى انه «عالمي التوجه ويصدر عنه العديد من الدراسات والتقارير المتخصصة بشكل دوري فضلاً عن تطوره الى منتديات إقليمية في الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية والصين وأفريقيا ليؤكد حرصه الى التواصل بين قارات العالم سعيا الى تطبيق شعاره بالوصول الى عالم افضل». الا ان المنتقدين يرون في تلك التقارير «تحصيل حاصل»، اذ تقدم الأمم المتحدة عبر منظماتها المتخصصة تقارير اكثر مصداقية استنادا الى واقع لا تريد الشركات الخاصة الممولة للمنتدى رؤيته بل تريد تسويق مصالحها والتمهيد التدريجي لأهدافها المتمثلة في الليبرالية الاقتصادية والمستغلة عبر اعلام قوي يوظف ما يحدث في دافوس لخدمتها، بدليل ان المنتدى لم يحقق بعد 40 عاماً هدفه بتحسين احوال العالم بل سارت احواله من سيئ الى أسوأ.

 المصدر: دافوس- كونا