هيمنت قضايا مكافحة الإرهاب والاستثمار في الشباب والتنمية الاقتصادية والخطط المستقبلية للنهضة على كلمات الزعماء المشاركين في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي انطلق أمس في منطقة البحر الميت بالأردن، حيث قدم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الشكر إلى الامارات والسعودية والكويت على دعم المشاريع التنموية في بلاده، فيما حذّر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من محاولات أطراف خارجية لفرض رؤى محددة على دول المنطقة، داعياً إلى ضرورة الاستثمار في الشباب لمواجهة التطرف والإرهاب، فيما رفض الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس حل الدولة المؤقتة، محذراً من خطر التقسيم الذي يواجه دولاً تشهد صراعات طائفية.
وافتتح العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في منطقة البحر الميت الجلسة الرئيسة للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي يعقد هذا العام تحت شعار «إيجاد إطار إقليمي جديد للازدهار والتعاون بين القطاعين العام والخاص» بمشاركة عدد كبير من القادة السياسيين والاقتصاديين من المنطقة والعالم.
وأكد الملك عبدالله الثاني سعي الأردن نحو انطلاقة متجددة في النمو والاستثمار، وتعميق الإصلاح وضمان انخراط الجميع في ذلك، مضيفاً أن قصة هذا المنتدى ليست محصورة به، بل هي قصة المنطقة كلها. وأردف: «نحن جميعا على علم بالأزمات التي تطغى على نشرات الأخبار. لكن هناك واقعا آخر وأكثر عمقا يدركه الاقتصاديون والسياسيون من القادة. ففي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هناك أكثر من 350 مليون شخص يكافحون، واقتصادات تنمو، وشباب يحقق طموحاته، وعقبات تتغلب عليها شعوب المنطقة. وعلى إثر ذلك، تبرز إمكانيات وطاقات بشرية ونكتشف ثروات جديدة»، داعياً إلى إشراك جميع القطاعات في تحقيق النمو الشامل، والشراكة بين القطاعين العام والخاص حجر البناء الأساسي للتنيمة.
شراكة بين القطاعيْن
وأوضح العاهل الأردني أن الخطة الاقتصادية العشرية التي «الأردن 2025» سيمكنهم من التحرك بسرعة لتنويع الموارد، وتطوير البنية التحتية، واستثمار نقاط القوة. وكشف أن هذه الخطة سيتم تنفيذها من خلال شراكات بين القطاعين العام والخاص، وإلى حد كبير من خلال مشاريع تبلغ قيمتها 18 مليار دولار، موجهاً الشكر لدولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ودولة الكويت، على دعمها، على مدى السنوات القليلة الماضية، للعديد من مشاريع التنمية في المملكة، وذلك من خلال منحة صندوق مجلس التعاون الخليجي.
ودعا ملك الأردن إلى قلب التحديات إلى فرص، مؤكداً أن من شأن النظر إلى المنطقة من نافذة المشاكل لا الحلول أن يفوّت فرصة استغلال إمكانيات هائلة، مشدداً على أنه لن يتم حل مشاكل المنطقة إلا عندما تبنى على نقاط قوتها. واستطرد: «لن نسمح للاضطرابات الإقليمية أن تثنينا عن هدفنا.. وهناك حاجة لنقود مسيرتنا بأنفسنا، مع ترحيبنا بدعم العالم لنا. وفي الواقع، فإن العنف الذي يهدد الكثيرين في منطقتنا هو جزء من هجمة عالمية الطابع على السلام والقانون والديمقراطية والتعايش. ويتطلب هزيمة ذلك نهجا شموليا عالميا يبنى على عناصر الأمن، والدبلوماسية، والتنمية، والقيادة الأخلاقية».
السيسي: تحولات جذرية
في الأثناء، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته أمام المنتدى، إن المنطقة العربية تشهد تحولات جذرية وتواجه تحديات جسيمة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية، ويتطلب عمق وخطورة هذه التحديات أن تتكاتف جهود المجتمع الدولي لمواجهتها، وذلك جنباً إلى جنب مع الجهود الوطنية ذات الصلة، والتي لا يمكن أن تؤتي ثمارها إلا بتعاون وثيق بين الحكومات والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، من أجل تحليل أسباب تلك التحديات، والوقوف على سبل التغلب عليها، للمساهمة في تحقيق آمال وطموحات الشعوب العربية في التقدم والتنمية.
وتابع: «لا يمكن فهم طبيعة التحولات في المنطقة من خلال رؤى خارجية أو أفكار مُسبقة، ولا ينبغي بالتالي أن يسعى أي طرف من داخل أو من خارج المنطقة إلى استغلال حالة السيولة التي قد تصاحب مرحلة التحولات بهدف فرض رؤى محددة على دول المنطقة أو لإخضاعها لفكر أو رأي معين».
دور الشباب
وأفاد السيسي بأن تعزيز دور الشباب لم يعد من قبيل الترف وإنما أضحى ضرورة لا غنى عنها، لاسيما في الدول والمجتمعات التي تضم نسبة كبيرة من الشباب بكل ما يمثلونه من أمل في المستقبل، وطاقة دافعة يتعين استثمارها وتوجيهها نحو الإطار الصحيح للاستفادة منها في دفع عجلة الإنتاج وإحداث التطور الحضاري والتنموي المنشود، فتوافر فرص العمل وزيادة معدلات التشغيل يعد أهم سبل الحفاظ على الشباب واستثمار طاقاتهم، وذلك تلافياً للتداعيات الناجمة عــن إهمال هذا القطاع الحيوي من المجتمع، وتركه فريسة للتطرف والإرهاب».
تعاون وتكامل
وأردف أن التحدي الذي يطرحه موضوع الاستثمار في الشباب ليس مجرد أحد الموضوعات على جدول أعمال الحكومات وحدها لكنه قضية رئيسة ينبغي أن تكون محل تعاون وتكامل في الجهود ما بين الحكومات وقطاع الأعمال، فالكل في قارب واحد، ولن يتحقق الازدهار الذي ننشده جميعاً ولن يسود السلام أو الاستقرار اللازمان لاستدامة التنمية إلا من خلال ذلك التعاون والتكامل بين الحكومة والمؤسسات الخاصة في منطقتنا وأيضاً فيما بينها وبين باقي الدول والأقاليم، فالتهديدات في عالم اليوم باتت عابرة للحدود ولم يعد أحد منا يمتلك ترف التقاعس عن التعاون والتنسيق حتى يمكن القضاء عليها.
جمود الفكر
وأوضح الرئيس المصري أن الجمود الفكري الناجم عن التطرف والغلو الديني أو المذهبي تزداد حدته جراء اليأس والإحباط وتراجع قيم العدالة بمختلف صورها.
وأشار إلى الخطر الذي واجهته مصر في محاولة فرض الرأي الواحد وإقصاء كل من يخالفه، وأضاف بأن الشعب المصري قد استطاع أن ينتصر على تلك المحاولة وأن يواجه الترويع والعنف الذي صاحبها بكل شجاعة من أجل تأمين مستقبل الأجيال القادمة في مصر.
وأعلن الرئيس المصري عن استضافة مصر للمنتدى في العام المقبل في مدينة شرم الشيخ، داعيا جميع الحضور إلى المشاركة فيه بمزيد من الطموح والتطلع إلى المستقبل من خلال الفكر والعمل الجاد الذي تمتاز به اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي.
حل الدولتين
بدوره، اكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفضه المطلق لأي حلول مؤقتة للصراع مع اسرائيل، مجددا تمسكه بحل الدولتين لتحقيق السلام، داعيا المجتمع الدولي للعمل بجد لتحقيقه.
وعبر عباس في كلمة، خلال الجلسات الافتتاحية للمنتدى، عن رفضه القاطع لأية حلول انتقالية او ما يسمى بدولة ذات حدود مؤقتة تقسم الشعب والارض والوطن، مشددا على رفضه القاطع لهذه الرؤى.
وأضاف: «تمسكنا بخيار السلام الشامل والعادل وبحل الدولتين اللتين تعيشان جنبا الى جنب بسلام وحسن جوار وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية والاتفاقات الموقعة بين الجانبين»، على ان يتضمن ذلك بحسب عباس «قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
وحذر من ان «ما يمنع تحقيق هذا السلام المنشود هو استمرار اسرائيل في الاحتلال والاستيطان وفرض الامر الواقع مستندة الى غطرسة القوة».
خطر التقسيم
وحول الوضع الإقليمي، قال الرئيس الفلسطيني إن الشرق الأوسط يمر بلحظة محورية في تاريخه. وأوضح أن هذا المؤتمر يأتي في ظل ظروف وأوقات حاسمة وعصيبة للمنطقة وشعوبها التي تشهد حالة من الصراعات تحت شعارات مختلفة أشعلت نيران الفتنة الطائفية والتعصب الديني في بعض الدول وأنتجت حالة من الفوضى والفشل في دول أخرى قد يعرض كلاً منها لخطر التقسيم.
تحد
قال العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إن اللاجئين السوريين يشكلون تحدياً مع بلوغ نسبتهم 20 في المئة من سكان الأردن. وأوضح في مقابلة مع محطة «سي ان بي سي» الأميركية، إنه بالنسبة للتحدي الناشئ عن وجود لاجئين يشكلون 20 في المئة من السكان، فإننا لا نحصل على ما يكفي من الدعم من المجتمع الدولي. وأعتقد أن معظم الناس لا يدركون أن 85 في المئة من اللاجئين لا يعيشون في مخيمات اللاجئين، بل خارجها في الواقع، ما يشكل عبئا على الاقتصاد الأردني. فما يقرب من 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي يوجه للتعامل مع عبء رعاية اللاجئين. وهذا تحد يفوق طاقتنا.
المصدر: البحر الميت ـ لقمان اسكندر – البيان والوكالات