عندما استضافت ألمانيا معرض إكسبو الدولي دخل إلى الاقتصاد الألماني ما يعادل 7.3 مليار دولار أميركي، بحسب شركة «رولاند بيرغر للاستشارات الاستراتيجية»، وفي معرض إكسبو شنغهاي 2010 زار المعرض 73 مليون إنسان، وتجاوزت أرباح الصين مليار يوان (158 مليون دولار أميركي)، وعلى وقع هذه الأرقام المجزية والمغرية جدا التي حصلت عليها الدول المضيفة، تتجه جميع الأنظار إلى مدينة ميلانو الإيطالية في عام 2015، وبعدها إلى المدينة الفائزة باستضافة معرض 2020. فهل يقع الاختيار على دبي عندما سيتم الإعلان عن اسم المدينة الفائزة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 بعد تصويت أعضاء «المكتب الدولي للمعارض» البالغ عددهم 163 دولة، لتكون دبي بذلك أول مدينة في منطقة الشرق الأوسط أو غرب آسيا، وكذلك جنوبها، تستضيف هذا الحدث، علما بأن دبي التي تعتبر عاصمة للمعارض في المنطقة تخوض منافسة حامية مع البرازيل وروسيا وتايلاند وتركيا للفوز بالاستضافة.
وتدرك دبي مدى أهمية هذه الاستضافة لـمعرض إكسبو الدولي 2020، فهو أحد أكبر الفعاليات العالمية غير التجارية من حيث التأثير الاقتصادي والثقافي بعد بطولة كأس العالم لكرة القدم ودورة الألعاب الأولمبية، ومما يضاعف أهمية الحدث أنه يضيف 280 ألف فرصة عمل للإمارات، ويحافظ على استدامة مليون و400 ألف وظيفة إقليميا، ليس هذا فحسب فالحدث الأكبر والأعرق عالميا سيستقطب 25 مليون زائر بينهم 70 في المائة من خارج الإمارات العربية، فيما ستجتمع ابتكارات العالم وإبداعاته تحت سقف واحد وتفتح آفاقا جديدة أمام المنطقة، وكل ذلك بحسب تقديرات رسمية لحكومة دبي التي سخرت إمكاناتها وطاقاتها في شتى المجالات للفوز بهذه الاستضافة.
ولا تركز معارض «إكسبو» على الشق الاقتصادي فحسب حال أغلب نظيراتها العالمية، ولكنها تمتد إلى جوانب إنسانية تهدف إلى إذكاء المعرفة في كل المجالات وتأصيل فرص انتشارها، والاحتفاء بالإنجاز الإنساني والابتكار والإبداع، فعلى سبيل المثال، كان معرض إكسبو في أغلب الأحيان هو الساحة التي تستضيف أول ظهور علني واسع النطاق للكثير من الاختراعات التي غيرت مسار التاريخ، فقد شاهد الجمهور لأول مرة جهاز «الهاتف» وماكينة «الآلة الكاتبة» في معرض إكسبو الدولي الذي أقيم في الولايات المتحدة الأميركية عام 1876، بينما احتفى المعرض في دورته التي أقيمت في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية عام 1915 باكتمال مشروع «قناة بنما»، حيث أتاح المعرض للمدينة فرصة تأكيد تعافيها من الزلزال المدمر الذي أصابها في عام 1906.
وفي سبيل استضافة الحدث العالمي أطلقت دولة الإمارات حملة وطنية للفوز بهذا الحدث التاريخي، وأعطت عنوان «تواصل العقول وصنع المستقبل» شعارا لحملتها، وسيركز المعرض حال إقامته في دبي على ثلاثة محاور يوجزها هذا الشعار، وهي أولا: الاستدامة، وفرص إيجاد موارد دائمة للطاقة والمياه، وثانيا التنقل والمواصلات: الأنظمة الذكية للنقل والخدمات اللوجيستية، وثالثا: الفرص وإمكانية إيجاد سبل جديدة لتحقيق النمو الاقتصادي.
ويرى المكتب الإعلامي لحكومة دبي أن تركز أغلب دورات الحدث العالمي منذ انطلاقه منتصف القرن التاسع عشر كانت في قارتي أوروبا وأميركا، بينما لم يسبق أن أقيم في منطقة الشرق الأوسط أو غرب آسيا وكذلك جنوبها، ما يعزز من فرص دولة الإمارات في الظفر بتنظيم المعرض مشفوعة في ذلك «بسلسلة من المقومات المنطقية ربما أهمها البنية الأساسية القوية، والتاريخ الطويل والحافل في مجال تنظيم واستضافة الفعاليات العالمية الكبرى».
وتشير الدراسات إلى أن التأثيرات الأولية المباشرة لنجاح الإمارات في استضافة المعرض ربما من أبرزها وأكثرها عمقا استحداث نحو 280 ألف فرصة عمل جديدة في البلاد ما بين عامي 2013 و2020، وبصورة تدريجية وصولا إلى تاريخ انعقاد المعرض، في حين سيتركز الجانب الأكبر منها خلال الفترة من 2018 وحتى 2021، وهي الفترة التي ستضم نحو 90 في المائة من إجمالي تلك الوظائف.
كما أن التأثير الاقتصادي للمعرض سيتجاوز حدود الإمارات إلى دول منطقة الشرق الأوسط، حيث تظهر التقديرات الأولية أن المعرض سوف يلعب الدور الأكبر في المحافظة على استدامة مليون و400 ألف فرصة عمل في المنطقة، بمعدل فرصة عمل واحدة في الإمارات مقابل 50 فرصة عمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويرى راشد علي الأنصاري، مدير عام «الأنصاري للصرافة» أنه منذ إقامة الدورة الأولى من المعرض في العاصمة البريطانية لندن عام 1851، أتاح معرض «إكسبو الدولي» إمكانات فريدة من نوعها، كانت بمثابة فرصة للأفراد من مختلف أرجاء العالم أن يلتقوا ويحتفلوا بتباين الثقافات، ويطلعوا على أحدث ابتكارات التكنولوجيا.
مضيفا: «يشكل (معرض إكسبو الدولي) حافزا قويا لعملية التحول الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، ناهيك بما ينجم عنه من تركات قيمة للمدينة المضيفة والبلد المضيف، لذا لن ندخر جهدا في سبيل دعم ملف استضافة دبي للمعرض، لأن فوز دبي باستضافة (إكسبو 2020) سيعود بالنفع الكبير على المستويين المحلي والإقليمي».
إلى ذلك، من المتوقع أن يكون عدد زوار معرض إكسبو دبي الدولي 2020 هو الأكبر في تاريخ المعرض الممتد لأكثر من 150 عاما، حيث من المنتظر أن يستقطب المعرض في دبي نحو 25 مليون زائر، بإجمالي عدد زيارات يناهز 33 مليون زيارة، والفضل يعود إلى موقع الإمارات الجغرافي وامتلاكها بنية تحتية تعتبر الأفضل في المنطقة.
ويعزز القائمون على المعرض الأرقام التي تتحدث عن أعداد كبيرة من الزوار بأن دولة الإمارات تقع على مقربة أربع ساعات بالطائرة من نحو ثلث دول العالم، بينما لا يفصلها عن ثلثي دول العالم سوى رحلة جوية لا تتجاوز مدتها 8 ساعات، مما يجعل من فكرة السفر إلى دبي لحضور المعرض أمرا هينا، حيث تشير التوقعات إلى أن نحو 70 في المائة من جمهور الزوار سيكون من خارج الإمارات، كما سيكون بإمكان الكثير من المسافرين العابرين بمطار دبي في رحلات الترانزيت التوقف لزيارة المعرض الأهم عالميا.
وفي وقت سابق كشف فريق الملف الإماراتي لاستضافة معرض «إكسبو الدولي 2020» النقاب عن المخطط الرئيسي لـ«مركز دبي التجاري – جبل علي»، الموقع المقترح لاستضافة المعرض على مدى ستة أشهر في حال نجاح الحملة الإماراتية. ووقع الاختيار على هذا المكان نظرا لموقعه الاستراتيجي على مسافة واحدة بين دبي وأبوظبي من جهة، وقربه من مطار «دبي ورلد سنترال» وميناء جبل علي من جهة أخرى، وهو ما يعد عامل استقطاب مميزا لملايين الزوار الدوليين والمحليين المحتملين. ويتماشى تصميم الموقع مع مفهوم «الإرث المعماري المقترح» والاستخدام المستقبلي، حيث تم تظليل الممرات الرئيسية بواسطة نسيج خاص مزود بخلايا كهروضوئية تتيح تخزين الطاقة الشمسية لتوليد الطاقة النظيفة، وهو ما يساهم بنحو 50 في المائة من متطلبات الطاقة التي يحتاجها المعرض.
إكسبو الدولي.. أرقام وحقائق
* انطلق «معرض إكسبو الدولي» للمرة الأولى في لندن عام 1851 تحت عنوان «المعرض العظيم لمنتجات الصناعة من دول العالم» كأحد الفعاليات المتميزة التي ترمي إلى تعزيز العلاقات الدولية، والاحتفاء بالتنوع الثقافي، وتقدير الإبداعات التكنولوجية.
ولا يزال المعرض يمثل اليوم نقطة التقاء رئيسية للمجتمع الدولي لمشاركة الابتكارات، وإحراز تقدم بشأن القضايا التي تهم العالم كالاقتصاد العالمي، والتنمية المستدامة، وتحسين مستوى المعيشة لجميع الناس في مختلف أنحاء العالم.
ويقام «معرض إكسبو الدولي» كل 5 أعوام، وهو يستقطب ملايين الزوار القادمين لاستكشاف الأجنحة والفعاليات الثقافية التي ينظمها مئات المشاركين، بما في ذلك الحكومات، والمنظمات الدولية، والشركات.
ويعد «معرض إكسبو الدولي» حافزا قويا لعملية التحول الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، ناهيك بما ينجم عنه من تركات قيمة للمدينة المضيفة والبلد المضيف.
فعلى سبيل المثال، ساعد «معرض إكسبو شنغهاي 2010» على تحويل منطقة الصناعات الثقيلة التي تقع وسط مدينة شنغهاي الصينية إلى منطقة نابضة بالازدهار التجاري والثقافي. وقد استرعى هذا المعرض – الذي أقيم تحت شعار «مدينة أفضل.. حياة أفضل» – اهتمام نحو 73 مليون شخص.
وستقام النسخة القادمة من معرض إكسبو في مدينة ميلانو الإيطالية عام 2015 تحت شعار «تغذية الكوكب.. طاقة الحياة».
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط