كاتب متخصص في الإدارة
سألت كويتية حاكم دبي ورئيس مجلس وزراء دولة الإمارات الشيخ محمد بن راشد المكتوم عن سبب استعجاله في تنفيذ المشاريع فقالت له: «لماذا تريد كل شيء الآن؟». فكان جوابه ولم لا؟ فليس هناك سبب يدفعنا للانتظار، المستقبل يبدأ اليوم وليس غدا ولو انتظرنا الغد حتى يأتي فسنستمر في تأجيل كل شيء. ثم بدأ يشرح لها كيف خرجت الإمارات «من صحراء قاحلة إلى دولة ذات مكانة عالمية في 40 سنة فقط» على حد قوله.
وأنا أقرأ هذه القصة في كتابه الجديد «ومضات من فكر» ممهورا بإهدائه الكريم تذكرت ذلك الإماراتي الصديق حينما سألته «بصراحة، ماذا يتعبك في العمل في حكومة دبي؟» ثم قال: بصراحة الـDeadline أي مواعيد التسليم الصارمة. وحينما تأملت إجابته تذكرت أن كل الحكومات والمؤسسات الناجحة لم تبلغ ما بلغته لولا حس العجلة والجدية في متابعة تطبيق الخطط. والأمر نفسه ينطبق على مجالس إدارات الشركات ففي كل المجالس التي شغلت عضويتها، سواء كانت شركات مدرجة أم غير مدرجة، كنا نلزم الرئيس التنفيذي بخطة عمل وميزانية نتابع تطبيقها كل ربع سنة. ولولا هذا النهج الذي تنتهجه كل مجالس الإدارات في العالم لما تقدمت الشركات بخطى ثابتة نحو الربحية والإنجازات الباهرة.
وما يحدث في دبي ليس استعراضا، بل هو نابع من رؤية رقمية واضحة تنتهجها حكومتها لنقلها خلال فترة زمنية محددة إلى مصاف الدول المتقدمة. ويوم أمس وجه لي ولعدد من كبار قادة الفكر العربي دعوة خاصة من المكتب الإعلامي في حكومة دبي لتقديم أهداف محددة في ثلاثة قطاعات يريدون أن يرون فيها دبي بعد عشر سنوات وكيفية تحقيق ذلك عمليا. وتم توزيع المشاركين إلى مجموعات وزودوا بدراسات رقمية تساعد في وضع الأهداف التي نقلت لاحقا إلى حكومة دبي عبر مبادرة «فكر دبي».
ما يهمني قوله إن عجلة القائد محمد بن راشد صحية طالما أن مشاريع حكومته مدروسة، ومحكومة في إطار زمني ومدعمة بلغة رقمية والتزام صارم بمواعيد التسليم deadline الذي أصبح على ما يبدو ثقافة سائدة، فمترو دبي مثلا، الأول من نوعه في المنطقة، أصرت الحكومة على افتتاحه في موعده يوم 9 سبتمبر (أيلول) 2009 الساعة 09:09:09 وكأن لسان حالها يقول لمن يعيشون في دبي والعالم أجمع بأننا نلتزم بمواعيدنا وهو ما حدث في برج خليفة وغيرها من مشاريع تسابق الزمن ضمن إطار خطة مكتوبة رأيت ملامحها الرئيسية بنفسي وهي مبنية على فكرة استعجال التطبيق طالما توافرت الإمكانيات لأنه كما قال حاكم دبي إن «المستقبل لا ينتظر المترددين».
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط