كشفت دراسة نشرتها مجلة «بيليو فرتيبراتا» المتخصصة مؤخراً نوعاً جديداً من أفراس النهر، وذلك بعد أبحاثٍ علمية أُجريت على العظام الأحفورية لأحد الفصائل المنقرضة لهذا الحيوان في منطقة الظفرة بأبوظبي.
وتم إطلاق اسم «أركيوبوتاموس قشطة» على هذا النوع، حيث تعني الكلمة الأولى منه «النهر القديم» وتشير الثانية إلى لقب فرس النهر في اللهجة المصرية.
وبفضل الدراسات التي أُجريت على عينات أحفورية جديدة تم اكتشافها منذ عام 2003، تمكن العلماء من إعادة تقييم العينات المكتشفة سابقاً في دولة الإمارات وتحديد فيما إذا كانت جميعها تنتمي إلى هذا النوع الموصوف حديثاً.
وبهذا الشأن، قال سعادة محمد خليفة المبارك رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة «لقد أطلقنا خمسة مشاريع استكشافية في أبرز المواقع الأثرية والتاريخية تحت إشراف الهيئة وذلك بهدف حماية الثقافة والإرث الغني للإمارة والحفاظ عليه.. وتؤكد الأبحاث العلمية أن منطقة الظفرة كانت مختلفة تماماً عن البيئة القاحلة التي باتت عليها اليوم فيما تشير هذه الاكتشافات القيمة إلى وجود نظام نهري واسع النطاق كان يجري في جميع أنحاء المنطقة التي احتضنت أنواعاً مختلفة من الحيوانات فيما مضى».
وأكد الدكتور مارك بيتش، المشارك في إعداد الدراسة رئيس قسم التراث الساحلي والحفريات في إدارة البيئة التاريخية في الهيئة، على أهمية هذا الاكتشاف قائلاً «تأتي هذه الدراسة المهمة اليوم لتساهم في تعزيز معرفتنا بتاريخ البيئة القديمة لإمارة أبوظبي وما تلك إلا بداية رحلة طويلة لاكتشاف المزيد حول هذا الفصل الغني من تاريخ الإمارات العربية المتحدة».
وأضاف بيتش أن هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة تعتزم مواصلة أبحاثها في المواقع الأحفورية المهمة في منطقة الظفرة حيث تدرك أهمية حماية هذه المواقع لإجراء المزيد من الأبحاث العلمية في المستقبل.
وسعياً إلى تعزيز الوعي بهذه المواقع، نشرت الهيئة كتاباً بالتعاون مع «متحف بيبودي للتاريخ الطبيعي» في «جامعة ييل» بعنوان «ألف أحفور وأحفور.. اكتشافات من الزمن السحيق في صحراء الغربية، أبوظبي – دولة الإمارات العربية المتحدة» من تأليف فيصل بيبي، وأندرو هِل، ومارك بيتش، وتم إطلاقه مؤخراً في معرض أبوظبي الدولي للكتاب.
وتعود العظام الأحفورية إلى التركيبة البينونة الجيولوجية التي تظهر على سطح الأرض في معظم المناطق الساحلية في منطقة الظفرة.. وقد تم العثور عليها في مواقع عدة، منها جزيرة الشويهات، وجبل براكة، وجبل الظنة، والرويس، وقرين العيش، وجبل ميمايا بالقرب من المرفأ.
وتم جمعها بين عامي 1988 و1995 من قبل الراحل بيتر وايبرو من «متحف التاريخ الطبيعي» في لندن، والراحل أندرو هِل من «جامعة ييل» في الولايات المتحدة وكذلك خلال الدراسات التي أجراها هِل في عام 2003 وما بعد بالتعاون مع فيصل بيبي من «متحف التاريخ الطبيعي» في العاصمة الألمانية برلين ومارك بيتش.
ويعود تاريخ التركيبة البينونة إلى العصر الميوسيني المتأخر قبل 6 الى 8 ملايين سنة مضت حيث احتضنت الأحافير الوحيدة المُكتشفة في شبه الجزيرة العربية والعائدة لحيوانات البيئة البرية وبيئة المياه العذبة من ذلك العصر.. وتتضمن أحافير لحيواناتٍ كبيرة وصغيرة، بما فيها أولى النباتات، والأفيال، والزرافات، والخيول، والغزلان، والأسماك، والزواحف المائية مثل السلاحف والتماسيح.
وتم تشبيه بيئة منطقة الظفرة آنذاك بمنطقة السافانا في شرق أفريقيا حالياً، وذلك بما كانت تحتضنه من سهولٍ مفتوحة وأنهارٍ كبيرة محاطة بالغابات.
المصدر: الاتحاد