كاتب سعودي
من مشاكل الكتابة عن أخطاء وتجاوزات بعض أفراد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحويل القضية من شأن عام، إنساني وحقوقي في الدرجة الأولى، إلى قضية شخصية أو موقف شخصي مسبق وثابت للكاتب تجاه جهاز الهيئة. هذا التحوير الاعتسافي يظهر جلياً كلما استجدت حادثة بارزة تكون الهيئة طرفاً رئيسياً فيها، يمارسه بعض منسوبيها، وبدرجة أكبر المحتسبون بالتضامن العشوائي المطلق مع جهاز الهيئة من خارجها، الذين لا يقبلون أي نقاش حولها أو إبداء الملاحظات على أدائها، مما يفاقم تأثير أي أزمة أو شرخ في علاقة المجتمع بالهيئة.
للأسف الهيئة رغم حرص رئيسها العام على مد الجسور مع المجتمع وبناء علاقة تسودها الثقة والطمأنينة، إلا أنها لم تغير كثيراً من أسلوب التعاطي الإعلامي مع القضايا المثارة حولها، فأسلوب البيانات الاستباقية التي تفوح منها رائحة التنصل من أي مسؤولية، أو اتهام المجتمع والإعلام بالمبالغة، مازال أسلوباً مفضلا لدى الهيئة لم تتجاوزه إلى الآن. بل إنها في بعض الأحيان تسبق الآخرين باتهامهم ــ وقائياً أو استباقيا ــ قبل أن يشيروا إليها بالاتهام، أي أنها هي التي ترفع راية المواجهة أولا قبل أن يرفعها الآخرون..
يوم أمس كانت قضية مصرع شاب وإصابة آخر في الرياض إثر مطاردة سيارة الهيئة لهما من أبرز الأخبار التي نشرتها الصحف وتناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي. الهيئة أصدرت بياناً تترحم فيه للمتوفى وتدعو بالشفاء للمصاب، ولا شيء أكثر من ذلك، ومهما كانت صيغة البيان إلا أن صدوره عن الهيئة يعني اعترافها بأنها طرف في القضية، وإلى هنا والأمر جيد، لكن التجارب السابقة ومن أشهرها مطاردة الباحة تؤكد أن تكتيك لعبة البيانات واحتواء الأطراف الأخرى لصالح الهيئة هو الأبرز في مثل هذه القضايا الخطيرة التي تزهق فيها الأنفس.
إننا لا نعرف كيف يمكن التوفيق بين تأكيد الرئيس العام على منع المطاردات وما نسمع عنه من استمرارها بنفس العنف والشدة، وإذا كان الحال كما هو عليه فإنه لابد أن نسأل الدكتور عبداللطيف آل الشيخ عن هذا التناقض وأسبابه وكيف يمكن احتواؤه لأنه قضية لا يصح الصمت عليها والتنصل من مسؤوليتها حين تكون نتيجتها أرواح تزهق في مشاهد عبثية لا تليق بكرامة الحياة والأحياء..
المصدر: عكاظ