«الوراثة في الفن أو الوراثة الفنية».. ظاهرة سطعت بقوة على الساحة الفنية في مصر خلال السنوات الأخيرة، بعد ظهور آباء وأبناء يعملون في عمل فني واحد.. فبعد أن عرفت الساحة السياسية العربية سيناريوهات التوريث السياسي، الذي سعى إليها بعض الرؤساء السابقين، لم تكن الساحة الفنية بعيدة عن ذلك، من حيث الصعود المتوالي لأبناء وأشقاء الفنانين لحجز مقاعدهم في بطولة أو إخراج أو إنتاج أعمال فنية بعينها، من خلال استغلال أقاربهم كجسر ذهبي لهم للوصول إلى النجومية وعالم الشهرة.
وتعود هذه الظاهرة مجدداً لتفرض نفسها على المسلسلات الرمضانية هذا العام، إذ يظهر «شادي» نجل الفنان يحيى الفخراني مخرجاً في مسلسل «الخواجة عبدالقادر» الذي يقوم والده ببطولته، وهو الأمر الذي دافع عنه الفخراني نفسه، مؤكداً على أنه لم يزج بابنه أو يفرضه، لكنه صاحب موهبة، ودراسة أهلته لذلك، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن أي أب يساعد نجله في بداية حياته العملية، ولا يضر ذلك بالفن مطلقاً ما دام «الوريث» يحمل موهبة حقيقية، مكللة بالدراسة العلمية.
أما الفنان عادل إمام، فقد أشرك نجليه في مسلسله الجديد «فرق ناجي عطا الله»، إذ يقوم محمد إمام بالتمثيل في المسلسل ذاته، في حين يخرج العمل رامي عادل إمام، كما قام الفنان القدير محمود عبد العزيز بإشراك نجليه أيضاً في مسلسل «باب الخلق» الذي يقوم ببطولته، فقدم ابنه «كريم» مشاركاً له في بطولة المسلسل، فيما قدم ابنه الثاني «محمد» منتجاً في المسلسل ذاته.من جانبه، يواصل الفنان نور الشريف عادته التي ظل عليها عاكفاً خلال السنوات الأخيرة في إشراك ابنته «مي» في أعماله الفنية، لتشاركه في بطولة مسلسله «عرفة البحر»..
فيما تشارك دنيا سمير غانم والدها ووالدتها الفنانة دلال عبد العزيز في بطولة مسلسل «قمر لا يغيب».واختلف النقاد الفنيون حول تقييم تلك الظاهرة، وكونها ظاهرة سلبية أم إيجابية، فيرى فريق من النقاد أنها ظاهرة غير صحية للساحة الفنية، خاصة أن الفن والإبداع لا يجوز دخوله بـ «الواسطة» أو «المحسوبية»، خاصة أنه قد يكون ذلك على حساب عدد من فنانين شباب قد يكونوا أبرز وأجدر من أبناء الفنانين، ويرى هذا الفريق أن عدداً كبيراً من أبناء الفنانين لا يمتلكون الموهبة الحقيقة مثل موهبة آبائهم، ما يعني أن غزوهم للساحة الفنية خطأ في الأساس، وإهدار لقيمة الفن الحقيقة.
وفي المقابل، يرى فريق آخر أن اقتحام أبناء الفنانين الساحة يثري الفن بشكل عام، خاصة أنهم تربوا وترعرعوا في بيوت تعشق الفن وتعرف أسراره، ما يعني أنهم ولدوا في جو مشحون بالفن، ما ولد لديهم إحساس الفنان، وهذا ما ظهر جلياً من خلال ابنتي الفنان سمير غانم، إذ ولدت كل من إيمي ودنيا لعائلة فنية بحتة، فوالدهما الفنان سمير غانم، ووالدتهما الفنانة دلال عبد العزيز، ما جعلهما تشربان الفن وتعيشانه منذ الصغر، لتصبحا نجمتين خلال الفترة الحالية.
رأي النقد
في هذا السياق، تؤكد الناقدة ماجدة خير الله، أن هناك العديد من الأسباب التي تدفع الفنان إلى دفع ابنه إلى خوض الحياة الفنية معه، أبرزها رغبته في «تلميع» نجله، وحصوله على نفس الدرجة من النجومية، للعيش في نفس الحياة التي شهدها في أسرته، فضلاً عن وجود أسباب أخرى، منها ارتفاع تكاليف الإنتاج، ما يجعل بعض الفنانين يستعينون بأبنائهم، خاصة أنهم سوف يحصلون على أجر أقل.. إلا أن خير الله تؤكد أن الموهبة تظل هي الأساس في استمرار الفنان ونجاحه، بعيداً عن المحسوبية أو الواسطة التي لا يعترف بها عالم الفن.