كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة
تحولت الأمور في العالم الافتراضي خاصة “تويتر” إلى واقعية لدى كثير ممن يكتبون بأسمائهم الصريحة، وشبه واقعية لدى بعضهم الآخر، ومازالت غالباً غير واقعية لدى أصحاب الأسماء المستعارة أو بعض من يضعون أسماء صريحة لكنها في الحقيقة ليست لهم.
ومع تباين الحالات تتباين أنماط الكتابة وتأويلاتها أيضا، وتظهر أحيانا قراءة النيات وتقويل الغير ما لم يقولوا لغايات بعينها، كما يظهر من يتعمدون الإساءة ظنا منهم أنه لا توجد محاسبة على ما يُكتب في الإنترنت، مثل من يعتقدون أنه يصعب الوصول إلى الأسماء المستعارة أو من يفصلون بحسب فهمهم بين الكلام المباشر الصريح وجها لوجه وبين توجيه الكلام كتابة، ويرون أن الحالة الأولى فيها إدانة والثانية لا يدان صاحبها لأنه عبر عن رأيه في العالم الافتراضي.
مع تطور الزمن وتطور القوانين صار ما يكتب على “تويتر” مثلا وثيقة يعتد بها قانوناً، ولو ادعى أحدهم أنه ليس صاحب الحساب أو أن حسابه مخترق فمن السهل كشفه، وبرغم من ذلك مازال عدد من المغردين لم يدركوا تلك المعادلة، من حيث تعمدهم الإساءة أثناء الكتابة أو من حيث تعمد إساءة الفهم ومن ثم بناء اتهامات غير صحيحة.
لذلك صارت فكرة التقاضي بسبب تغريدات أمرا مألوفا في مجتمعاتنا العربية لعدم فهم الكثير لأساسيات “التغريد”، وكم من دعوى رفعت ضد هذا أو ذلك لتطاول أو سب أو ذم أو انتقاص أو تشهير.. منها قضايا كانت رابحة لوجود أدلة دامغة واعترافات، وأخرى خاسرة للإنكار وعدم ثبوت الواقعة. وربما المتخيل مستقبلا أن يظهر قضاة افتراضيون ومحاكم افتراضية للفصل بين المتخاصمين والمتشاتمين.. أو مشرفون لإصلاح ما يتصدع وإعادة الهدوء عند ارتفاع حدة الكلام الكتابي والتشنج بين أطراف متخاصمة.
إلى ذلك، لنتخيل أنهم أنشؤوا عقوبات وسجوناً افتراضية فيعاقب أحد المغردين بالسجن عاما على سبيل المثال، ليدخل سجن “تويتر” مع السماح له بعدد محدد من التغريدات الخاضعة لرقابة السجانين، وربما تطورت المسألة إلى عقوبات معنوية كأن يحكم على مغرد بحذف عدد من تغريداته أو إنقاص عدد متابعيه، أما “الهكرز” من مخترقي الحسابات فتكون عقوباتهم مغلظة… لنحصل في نهاية المطاف على دستور افتراضي وأحكام قانونية منصوص عليها. هو مجرد خيال، لكن العقل البشري قادر على اختراق الخيال وجعله حقيقة، وربما لم يكن من يفرح برسالة يتسلمها من ساعي البريد بعد شهر من إرسالها يتصور أنه سيتواصل فوريا بالكتابة أو بالصوت والصورة مع من كانوا يراسلونه ورقيا.
المصدر: الوطن أون لاين