تهتم و تعمل في مجال الطاقة المتجددة والبيئة في بروكسل/ بلجيكا. بالاضافة الى البيئة تهتم بالسلام بين الأديان و الثقافات و لن يكون ذلك مستحيلا إذا تحققت الإرادة و العدالة.
منذ فترة ليست ببعيدة، أصبح هناك وعي عام بأهمية تطوير الطاقة المتجددة في السعودية سواء الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح خاصة لانتاج الكهرباء. في هذا المقال، الحديث عن الطاقة يقصد في معظمه طاقة انتاج الكهرباء.
الدعم الحكومي ضروري
تقنية الطاقة المتجددة بدأت بالدخول للسوق السعودي على استحياء نوعا ما. وهنا يأتي دور المسؤول في دعم هذه التقنية. فمعظم التقنيات الجديدة تحتاج لدعم حكومي كي تصل لمرحلة النضج وتكون قادرة على تمويل نفسها بنفسها.
في السعودية، معظم محطات انتاج الكهرباء تعمل على الزيت الخام و الغاز. وسعر الكهرباء المنتج من قبل هذه المحطات مدعوم حكوميا. وهذا ما يوضح انخاض اسعار الكهرباء في السعودية. فالمستهلك حين يدفع فاتورة الكهرباء، فهو يدفع جزء من سعر الوقود والدولة تدعم بشكل كبير الجزء المتبقي.
في حال تم تطوير محطة لانتاج الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية، فالسؤال هنا، ما هي تسعيرة الميغاواط الواحد؟ هل ستكون الطاقة الشمسية المنتجة تباع على الشبكة بنفس سعر الطاقة المنتجة عن طريق الوقود التقليدي؟ هنا يبدو أن الموضوع ما زال قيد الدراسة من قبل الجهات المعينة. لكن يجب التذكير أنه من الصعب أن نقارن بين المحطات التقليدية والمحطات المتجددة، فمنتوجات المحطات التقليدية تحصل على دعم كبير من قبل الدولة رغم حرق الثروة المحلية.
إذا لتسهيل تطوير محطات الطاقة المتجددة، يتضح أنه يجب دعم سعر الكهرباء المنتج من قبل الطاقة المتجددة لتكون على الأقل مساوية لسعر الكهرباء المنتج من قبل الوقود الأحفوري. وفي حال افترضنا أن سعر بيع الميغاواط المنتج من قبل المحطات المتجددة مساو لسعر الكهرباء في السعودية، فهذا يعني أنه يحتاج لأكثر من عقدين لتغطية تكلفة البناء والتشغيل مما قد يؤثر سلبا على تطوير الطاقة المجددة.
وبما أن سعر الوقود التقليدي مدعوم على جميع المستويات في السعودية، فهنا يمكن أيضا تقديم الدعم على مستوى الفرد، للشخص الذي يود شراء لوائح شمسية لانتاج الكهرباء أو تقنية أخرى لتوليد الطاقة من مصدر متجدد. وبما أن السعودية اتجهت إلى وقف احتكار توليد الطاقة من قبل شركة الكهرباء، فبإمكان الفرد أن يصبح أيضا منتجا للطاقة أي أن يتم تمكينه من ضخ الطاقة التي لا يستهلكها في الشبكة. وبمعنى آخر يمكن للفرد بيع انتاجه الفائض لشبكة الكهرباء وفق سعر يتم تحديده من الجهات المختصة. الحلول التقنية لهذا الاقتراح ليست صعبة إذ أن هناك العديد من الدول خاصة في أوروبا تسمح للافراد بضخ انتجاهم الكهربائي في الشبكة الرئيسية.
أيهما أفضل حرق البترول داخليا أم تصديره؟
لمن يرى أن الطاقة المتجددة مكلفة، فعليه أن لا ينسى أن هناك تحدي حقيقي يواجه السعودية فيما يتعلق بالطاقة. فبحسب الأرقام المنشورة، تنتج السعودية حوالي 10مليون برميل بترول يوميا، لكن 3 مليون برميل يستخدم للاستهلاك الداخلي يوميا ويشمل وقود السيارات وتشغيل محطات الكهرباء وتحلية المياه، وهذا الرقم سيرتفع بنسبة 7 بالمائة سنويا.
وبحسبة سريعة يتضح أنه إذا بقي انتاج النفط على حد 10 مليون برميل يوميا ويستمر الاستهلاك بالارتفاع بنسبة 7 بالمائة فهذا يعني أنه بعد 19 سنة ستستهلك السعودية كامل انتاجها داخليا وبالتالي تتوقف عن التصدير. وبالنسبة للبترول المكرر الذي يستخدم كوقود للسيارات، فيجب التذكير بأن السعودية تضطر أحيانا لاستيراد البنزين بسبب الضغط على المصافى. وإذا قسنا على هذا استخدام الوقود الخام، فعلينا أن لا نتفاجئ إذا قرأنا يوما خبرا عن استيراد السعودية للنفط الخام. وإذا أتى هذا اليوم لا قدر الله، فمن المرجح أن سياسة دعم سعر الوقود سواء للكهرباء أو السيارات لن تبقى كما هي.
المثير للحيرة هو استخدام مولدات الكهرباء التي تعمل على الديزل في السعودية في الأمكان المعزولة عن شبكة الكهرباء. فهنا نحن أمام خسارتين: خسارة اقتصادية بسبب احراق عوامل ثروتنا وخسارة صحية بسبب تلوث الجو من حرق الديزل.
وأعود هنا مجددا لفكرة دعم الطاقة المتجددة. بما أن السعودية تستهلك محليا 3 مليون برميل، فلماذا لا يتم إعادة النظر في هذا الاهدار وتخصيص مبلغ مساوي لهذا الهدر اليومي لبناء محطات طاقة متجددة كي تنعكس الآية ويكون معظم انتاجنا للبترول مخصص للتصدير وليس للهدر المحلي.
المصدر: صحيفة الشرق