أطلق المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، ومنظمة الأمم المتحدة (اليونيسيف)، برنامجاً للوقاية من التنمر في المدارس، شمل 36 مدرسة حكومية وخاصة على مستوى الدولة، في الفترة من 2015 إلى 2017، أصدرت على إثره دليلاً للوالدين للحماية من التنمر. ويتكون الدليل من 10 صفحات من الحجم المتوسط، تحوي رسومات توضيحية للتنمر في مدارس الذكور والإناث، على حد سواء، يمكن تحميله من الموقع Smcm.gov.ae، ويتوفر باللغتين العربية والإنجليزية. ويتضمن تعريف التنمر وأشكاله، ومعرفة ما إذا كان الطفل يتعرض للتنمر، وما الذي يمكن فعله لمنعه من التنمر داخل المدرسة، وما الذي يمكن فعله في حال تعرضه للتنمر.
وعرّف الدليل، التنمر، بأنه الاستغلال المتعمد للقوة، ويتخذ أشكالاً عدة، من إساءة لفظية أو جسدية، سواء كانت من فرد ضد فرد، أو مجموعة ضد فرد، ويكون سلوكاً ظالماً متكرراً مع الوقت، يهدف لإيذاء أحد الأشخاص أو ممارسة الضغط عليه، حيث يكون هذا الشخص غير قادر على الدفاع عن نفسه، لعدم تكافؤ القوة بينه وبين الشخص المتنمر.
4 أشكال
ويتخذ التنمر 4 أشكال: اللفظي، والجسدي، والإيحائي، والاجتماعي، فاللفظي عبارة عن شتائم ونقد قاسٍ، ومناداة الشخص باسم لا يحبه، ونشر الإشاعات، ومكالمات هاتفية ورسائل إلكترونية مجهولة، والجسدي: يتضمن الركل والضرب، التعدي على متعلقات الغير وإخفاؤها، والإيحائي: يتضمن التهديد أو الإيحاء بحركات بذيئة، والتجاهل المتعمد أو الإقصاء، والتهديد عبر التحديق بالعيون، وأخيراً الاجتماعي: ويكون عبر استغلال العلاقات: من خلال تكوين تحالفات ضد أحد الطلبة، ومحاولة إقناع البعض بإقصاء شخص ما وتجنبه.
كما أشار الدليل إلى كيفية معرفة إذا ما كان طفلك يتعرض للتنمر، فأحياناً يمكن اكتشاف ذلك مباشرة، وفي حالات أخرى، يمكن ملاحظة أثر ما على الطفل، يثير الشك في تعرضه للتنمر، ومن بينها: العلامات الجسدية، مثل كدمات غير مبررة، خدوش أو جروح، تمزق الملابس أو تلف المتعلقات، أو أعراض نفسية أو جسدية (سيكوسوماتي): أي آلام غير محددة، صداع، أو آلام في البطن أو تقرحات في الفم. ومن بينها أيضاً، سلوكيات متعلقة بالمدرسة: مثل عدم الرغبة أو الخوف من الذهاب إلى أو من المدرسة، أو الخوف من ركوب حافلة المدرسة، أو طلب التوصيل إلى المدرسة من الكبار، وانخفاض مستوى الأداء الدراسي، أو العودة من المدرسة في حالة جوع شديد (لأن نقوده أخذت منه)، والشكوى من فقدان المتعلقات، أو الطلب المتزايد للنقود أو سرقتها (كي يعطيها للمتنمر).
ويمكن أن تبدو العلامات من خلال تغيرات في السلوك الاجتماعي: كالتقرب من عدد قليل من الأصدقاء، وعدم الرغبة في الخروج، وانخفاض معدل التقاء الطفل بأصدقائه عن المعتاد، أو مؤشرات عاطفية: وهي علامات الحزن والتعاسة والوحدة والاكتئاب والانطواء والرغبة في البكاء والتلعثم في الكلام، والتفكير في الانتحار، وتقلبات المزاج، أو سلوكيات تنم عن القلق: مثل العصبية والمزاج السيئ، أو التوقف عن الأكل، أو تناول الطعام بصورة مبالغ فيها، وعدم القدرة على النوم، والكوابيس، والبكاء أثناء النوم، أو التبول في الفراش، أو عدم الرغبة في الإفصاح عما يتعرض له، بالإضافة إلى مؤشرات صحية: وتشمل الإجهاد العام وانخفاض الأداء، وضعف مقاومة العدوى والأمراض المتكررة، والتهديد أو محاولة الانتحار.
10 خطوات
ولفت الدليل إلى 10 خطوات يمكن من خلالها منع طفلك من التورط في التنمر داخل المدرسة، وهي: خلال الأيام الأولى من عمر الطفل، يتعين أن يعمل الوالدان أو أحدهما على تعزيز شعور الطفل بالأمان في العلاقة مع مقدم الرعاية، لأن عدم الشعور بالأمان والقلق الشديد أثناء الطفولة، يمكن أن يؤثر في قدرة الطفل على الارتباط بزملائه في المدرسة في ما بعد، والحذر عند اختيار واستخدام مراكز رعاية الأطفال، إذ إن اللجوء إلى مراكز دون المستوى في مرحلة عمرية مبكرة، يمكن أن يضر بنفسية بعض الأطفال، ويؤثر في علاقتهم بالأطفال الآخرين في المدرسة.
كما يجب مراعاة أنه من خلال مراحل نمو الطفل المختلفة، يحتاج إلى فرص أكثر لكي يتصرف باستقلالية، وبالتالي، يتعين على الوالدين أو أحدهما، ممارسة دورهما بأسلوب يجمع بين السيطرة والدعم في الوقت نفسه، وتجنب العلاقة السلطوية الباردة أو المبالغة في السيطرة على الطفل من قبل الأهل.
ويتعين أيضاً على الأهل، عدم استخدام أسلوب التنمر، وإلا سوف يصبح الطفل نسخة أخرى منهم، وألا يكون الوالدان متساهلين أيضاً مع الطفل، لأنه بحاجة لمعرفة أن هناك حدوداً لكل شيء يفعله، وعدم المبالغة في حماية الطفل، وتقليص حجم الخبرات التي يمكن أن يتعلم منها، وبالتالي، يمكنه الاختلاط بالطلبة الآخرين المختلفين عنه، لأن حماية الطفل المبالغ فيها، قد تجعله عرضة للتنمر، وضرورة اكتشاف وتعزيز الجوانب الإيجابية في سلوكيات الطفل، لأن ذلك يساعده على قبول نفسه والثقة في شخصيته، وبالتالي، يصبح أقل تأثراً بالتنمر.
10 حلول
وعرض الدليل 10 نقاط كحلول لما يمكن فعله في حالة تعرض طفلك للتنمر، وهي: في حال راود الأهل شك بأن طفلهم ربما تعرض للتنمر في المدرسة، يجب تشجيعه على الحديث مع الأهل، مع العلم بأنه من الممكن أن يكون من الصعب على الطفل الحديث في ذلك، فيتعين الصبر في هذه الحالات، والحذر من ترك الموقف للطفل كي يتصرف فيه، أو يعالجه من تلقاء نفسه، بحجة أنها مشكلته، ويجب عليه الدفاع عن نفسه أمام المتنمر أو المتنمرين، لأن هذا الأسلوب قد لا ينجح في معظم الأحيان، خصوصاً إذا كان التنمر يشمل مجموعة من الطلبة، وفي الوقت نفسه، يتعين أيضاً عدم مبالغة الأهل في حماية طفلهم، كأن يقال له على سبيل المثال: «حسناً، ابقَ في المنزل ولا تذهب إلى المدرسة، وسوف أهتم بك»، والاستماع للطفل باهتمام، والتعاطف معه، ومحاولة التعرف إلى حقيقة ما يحدث له من دون الضغط عليه للتصريح بما يحدث أو استجوابه. ومحاولة التعامل مع الطفل بأساليب مختلفة.
وقدم الدليل نقاطا لمعرفة ما الذي يمكن فعله لو كان طفلك يتنمر، وهي: التعامل مع الموقف بوضوح وبمنتهى الجدية، واتخاذ ما يمكن عمله من إجراءات لمنع ذلك من الاستمرار، محاولة التعرف من طفلك، لماذا يفعل ذلك، فربما كان يتعرض للاستفزاز، وإن كان ذلك صحيحاً، فيتعين على الأهل البحث عن طرق لوقف هذا الاستفزاز، الذي ربما يكون على سبيل المثال، مناداته باسم غير محبب، وبالتالي، العمل على منع هذا السلوك دون التورط في التنمر.
دعم متواصل
يؤدي التنمر إلى أضرار بالغة على الصحة العقلية لدى الأطفال، وقدرتهم على التعلم، وقد يستمر معهم ذلك طيلة حياتهم، لذا، حرصت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، على دعم النساء والأطفال المراهقين وحديثي الولادة، في أي مكان في العالم، وانطلاقاً من ذلك جاء برنامج «الوقاية من التنمر»، الذي ينظمه المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، بالتعاون مع (اليونيسيف) لدول الخليج العربية، ووزارة التربية والتعليم، ومجلس أبوظبي للتعليم، تجسيداً لتوجيهات سموها في بناء علاقات سليمة وإيجابية بين الطلاب وأولياء الأمور، وبين الكادر التعليمي والطلبة.
المصدر: البيان