أعلن رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر السابق اللواء سليم إدريس أمس، «فك الارتباط» مع المجلس العسكري ووزير الدفاع في الحكومة المؤقتة أسعد مصطفى، واصفا قراراتهم بأنها «ارتجالية وفردية وباطلة شرعا وقانونا». وجاء ذلك بالتزامن مع إعلان مجموعة من القادة الميدانيين رفضهم إقالة إدريس، واعتبارهم أن قرار المجلس العسكري «لا يعبر عن آراء القوى على الأرض».
ويضم المجلس العسكري، المعروف باسم «مجلس الثلاثين» أعضاء المجلس العسكري الأعلى للجيش الحر الذي اتخذ قبل أيام قرار عزل إدريس من منصبه وتعيين رئيس المجلس العسكري في مدينة القنيطرة عبد الإله البشير خلفا له.
وبرفضه قرار المجلس العسكري الذي لقي دعما من الائتلاف الوطني المعارض يكون إدريس قد حسم أمره بالانشقاق عن هيئة الأركان الجديدة ومتابعة مهامه في الهيئة السابقة لا سيما أنه طلب في تسجيل مصور على موقع «يوتيوب» من قادة الجبهات والمجالس العسكرية «إعادة هيكلة الأركان، ودعوة جميع القوى الثورية والعسكرية للانضمام إلى هذه الهيكلة».
وظهر إدريس في التسجيل وهو محاط بعدد من قادة المجالس العسكرية بينهم العميد الركن زياد فهد، قائد الجبهة الجنوبية بشار الزعبي، العقيد الركن عبد الباسط الطويل، قائد الجبهة الشمالية العقيد مصطفى هاشم، قائد الجهة الغربية الوسطى فاتح حسون، قائد جبهة حمص محمد العبود، وقائد الجبهة الشرقية العقيد الركن أحمد بري وقائد المجلس العسكري في حماه العقيد بكور السليم وقائد المجلس العسكري في دمشق وريفها العقيد عفيف سليمان وقائد المجلس العسكري في إدلب العقيد محمد عواد وقائد المجلس العسكري في الساحل العقيد أحمد النعمة وقائد المجلس العسكري في درعا العقيد محمد معتز رسلان وقائد المجلس العسكري في الرقة العقيد بشار سعد الدين وقائد المجلس العسكري في حمص المقدم مهند الطلاع وقائد المجلس العسكري في دير الزور المقدم عبد المجيد سلطان.
وفي سياق متصل، اعتبر عدد من «قادة الجبهات والمجالس العسكرية» في تسجيل مصور على موقع «يوتيوب» قرار إقالة إدريس «لاغيا وغير شرعي». وأكد القادة الذين بلغ عددهم في الشريط تسعة باللباس العسكري، الاستمرار «بقتال النظام وأزلامه صفا واحدا بقيادة سليم إدريس»، بوصفه «المفوض من قبلنا أمام الداخل والخارج». وقالوا إنه «لا يحق لأي جهة غير موجودة على تراب الوطن اتخاذ قرار مصيري لا يعبر عن آراء القوى الثورية العاملة على الأرض».
ووصف القادة قرارات المجلس العسكري بـ«الأحادية» والتي «لا تتناسب مع ظروف الثورة السورية» والتي «أدت وما تزال تؤدي إلى إحداث خلافات بين الأركان وعدد من القوى الثورية العاملة على الأرض».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول سابق في هيئة الأركان رفض الكشف عن هويته قوله إن قادة الجبهات والكثير من التشكيلات العسكرية على الأرض «يعتبرون إقالة اللواء إدريس انقلابا»، مشيرا إلى أن أكثر من «مائة قائد تشكيل زاروا اللواء إدريس.. وأبرزهم من (جيش المجاهدين) وأبدوا دعمهم له».
وبينما حمل المصدر على رئيس الائتلاف أحمد الجربا مسؤولية قرار المجلس العسكري الأعلى، شدد على أن «إدريس عمل كل ما في إمكانه لتكون الأركان مؤسسة ولتشريع العمل العسكري، لكن المشكلة بالوعود الدولية والإمكانات». وأوضح أن المبلغ الذي تسلمته هيئة الأركان منذ تأسيسها قبل سنة حتى اليوم لم يتجاوز الثلاثة ملايين دولار، «أي مائتا ألف دولار شهريا يجب صرفها على كل سوريا والجبهات، إضافة إلى مساعدة من إحدى الدول الغربية تقدم شهريا للجبهات بشكل مباشر».
ميدانيا، استؤنفت عملية إجلاء المدنيين من أحياء حمص المحاصرة، وبعد توقف دام أربعة أيام، حيث خرج أحد عشر مدنيا من حيي بستان الديوان والحميدية، وفق ما أعلنه محافظ حمص طلال البرازي، لكنه أشار إلى أن عملية الإجلاء توقفت بعد ذلك «بسبب إعاقتها من قبل المجموعات المسلحة التي قامت بإطلاق أعيرة نارية نحو المعبر الذي من المفترض أن يخرج منه المدنيون لإخافتهم».
وبينما يقع المعبر بالقرب من مقر الشرطة في المدينة، كان لافتا إعلان البرازي أن «العملية جرت من دون التنسيق مع الأمم المتحدة وإنما مع وجهاء ورجال دين». وكانت الهدنة الأخيرة التي مددت لمرتين بموجب اتفاق بين النظام والمعارضة بإشراف الأمم المتحدة، انتهت مساء السبت الماضي، من دون أي إعلان جديد في شأنها، علما أن المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة أفادت منتصف الشهر الحالي بأن 2500 شخص لا يزالون يرغبون بالخروج من حمص.
وأفاد المرصد السوري بأن عملية الإجلاء ترافقت مع «إدخال عدة شاحنات محملة بالمواد الطبية والغذائية والوقود إلى حي الوعر»، في حين قصف الطيران الحربي مناطق في قرية الزارة ودارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني من جهة ومقاتلي الكتائب الإسلامية المقاتلة من جهة أخرى في محيط قرية الخالدية.
وفي يبرود، استمرت الحملة العسكرية التي تشنها القوات النظامية مدعومة بعناصر حزب الله اللبناني لليوم الثامن على التوالي. وذكر ناشطون أن عناصر «الكتائب الإسلامية المقاتلة والجيش الحر» تصدت لهجمات من قوات النظام وحزب الله على المدينة بعد ليلة اشتباكات عنيفة، تجددت صباح أمس، بالتزامن مع قصف تركز على محور قرية السحل ومزارع ريما. وأفاد معارضون عن خسائر كبيرة في صفوف القوات النظامية، إذ استقبل مشفى النبك العسكري نحو 200 جندي ما بين قتيل وجريح منذ بدء الحملة العسكرية، في وقت يتدهور فيه الوضع الإنساني في يبرود، بعد انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة منذ أسبوع ونزوح غالبية المدنيين العزل باتجاه عرسال والمناطق الآمنة. وقدر عدد العائلات الفارة إلى عرسال بثمانية آلاف عائلة.
وتمتلك منطقة يبرود القلمون أهمية كبيرة كونها تعتبر طريق الإمداد الوحيدة للمنطقة الوسطى ودمشق. وكانت الأمم المتحدة قد حذرت من أزمة إنسانية في يبرود بعد حصار عشرات الآلاف من أهلها وفرار آلاف آخرين إلى الحدود اللبنانية والأردن.
من جانبه، أكد مصدر عسكري سوري مقتل أكثر من 50 «إرهابيا» في يبرود، منذ بدء الحملة العسكرية على القلمون بينهم قياديون ميدانيون، لافتا إلى أن القوات النظامية تستعد لصد هجوم قد يشنه مقاتلو المعارضة المسلحة على دمشق من جهة الجنوب. وأنه «تم رصد نشاط يدل على تحضير المسلحين لمثل هذا الهجوم».
المصدر: ليال أبو رحال لندن- «الشرق الأوسط»