عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

«راونا ضروسك..!!»

آراء

ليس هناك أجمل من أن تتلقى ذلك الاتصال من «الأهل» السلام عليكم بوفلان شو أخباركم لا ترجع اليوم بدري عندنا ناس في البيت! قليل من الحرية أخيراً، أهذا فعلاً ما أحس به المصريون في 25 يناير؟! بالطبع تفهم من الاتصال أن هناك من يجلس بجوارها طالما أن الاتصال لم يبدأ بجملة تعال شوف «عيالك»! فمن نافلة القول بأنهم «عيالك» حينما يتعلق الأمر بمشكلاتهم أو ضراباتهم أو مصيبة اقترفوها في الفريج، ولكنهم يصبحون فجأة «عيالي» حينما يحصل أحدهم على درجة ما أو ينجز منجزاً جميلاً أو ينهي حفظ جزء في حلقة التحفيظ!

المهم أنك اليوم حر، تفهم معنى الحرية، لا ترجع اليوم بدري، تعود إليك دماء الأيام الجميلة، تبدأ بتجهيز لائحة في ذهنك للربع الذين ستتصل بهم بمجرد إغلاق الهاتف مع «الأهل»، السهيرة منهم فلان الذي تعتقد زوجته بأنه «زام»، بينما هو «تحت الحزام»، وفلان الذي لم يتزوج بعد لأسباب يجهلها الجميع، كان يحب وحدة وماتت، ما فيه حيل، مربوط ، وفلان الذي تسكن عائلته في إمارة أخرى، تقوم في ذهنك أيضاً بتجهيز خارطة الطريق، المقهى، السينما، بحر الخان، العودة إلى المنزل بعد إرسال رسالة نصية لبرنامج «أمل وألم»، وبذلك تشعر بأنك اختتمت يومك بطاعة قد تمسح ما حصل فيه! ما الأمر؟! لمَ لا يعجب البعض حسن الظن، شق تمرة قد يقي من النار! تستغرق في أفكارك!

«وين رحت؟»، تعود إلى عالم الواقع السعيد، أنا هنا، حسناً لن أعود قبل أذان الفجر، أحلامك يا حبيبتي أوامر، «جيد إذن مر خذ (عيالك).. وخليهم معاك»!! هنا تفهم ما أحس به المصريون بعد 25 يناير بفترة بسيطة!

هكذا وبكل بساطة! تذهب أحلامك أدراج الرياح، عيالك، تتمنى لو كنت صينياً، تتذكر نصائح وزارة الصحة الصينية، تتعوذ من إبليس وتحمد الله، تذهب إلى المنزل، ترى «عيالك» على الباب، تحمد الله مرة أخرى، يركبون معك، تبدأ الحملة العادية لاكتشاف كيف اخترع اليابانيون السيارة! اثنان يحاولان البدء بالراديو، واثنان يريان أن السر في الأزرار الأمامية، وثلاثة يعتقدون أن سر الكفاءة يكمن في العبث بالمكيفات الخلفية، وأربعة.. تنتبه فجأة إلى أن العدد أكبر من عدد «عيالك»، ترى تلك الوجوه الأخرى فتعرف أنك مكلف برعاية عيالك وعيال الـ(…) الآخرين في العائلة، هنا تخطر على بالك الطريقة الأنجع للتخلص من إزعاجهم، راقبوا الطريق أيها الأطفال وإذا رأيتم الجسم الغريب السخيف المسمى «راداراً» فأبلغوني، تنطلق، هناك رادار! انتبه.. تخفض السرعة، وتسير الحياة جميلة، للصغار قدرة على التقاط الأمور بشكل أفضل من «السكانر»، إذا كانوا موعودين بوجبة ضارة بعد الرحلة، يمر اليوم على خير، تعود بهم سعيداً لأنهم أفادوك في تخطي مطبات الرادار!

بعد أيام عدة تصلك الرسالة النصية الشهيرة «لقد قمت بارتكاب مخالفة.. إلخ»، تتصل بالجهات المعنية يخبرونك بأنك قد تجاوزت السرعة والصورة موجودة وتظهر ضروسك بوضوح، وتكتشف أن الكاميرا التي صادتك لم تكن في الشارع بل كانت منصوبة على إحدى المنارات التابعة لأحد المساجد الكبرى!

يا جماعة الخير، ألم نتفق على عدم استغلال الدين للوصول إلى «مصالح» مؤسسية؟!

المصدر: الإمارات اليوم