تبدأ مع حلول اليوم الأول من شهر رمضان المبارك، رحلة من نوع خاص، إلى واحد من أحد أجمل المساجد وأكثرها امتلاء بفنون وروائع فنون العمارة الإسلامية، هو جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي، بما له من مكانة خاصة في قلوب المسلمين والعرب في كل مكان. وتحمل الرحلة أعداداً غفيرة من الصائمين، لتستقبلهم إدارة الجامع بحفاوة وترحاب، ليتناولوا إفطارهم، وسط أجواء إيمانية بين جنبات الجامع، الذي استعدت إدارته لمثل هذا الحدث، حيث ترى السعادة والبهجة على وجوههم وهم في خدمة الصائمين. ومن المتوقع أن يستقبل الجامع أكثر من 600 ألف صائم هذا العام من مختلف الجنسيات المقيمة على أرض الإمارات.
بعد مسيرة عشر دقائق من قلب العاصمة، كان الموعد مع آلاف المتوجهين لهذا الصرح الإسلامي الكبير، للاستمتاع بالفيوضات الروحية التي غلفت ساحات المسجد وأروقته المختلفة مع اقتراب موعد أذان المغرب، حيث انتشرت العائلات وتجمعات الأصدقاء من كل الجنسيات والأطياف البشرية، في أرجاء الجامع بين متعبد وقارئ للقرآن، وآخر يمعن النظر في الجمال الأخّاذ الذي تعكسه كل زاوية وركن من أركان رابع مساجد العالم من حيث المساحة.
جموع بشرية
ومع اقتراب موعد أذان المغرب، اصطفت الجموع البشرية جلوساً داخل الخيام الرمضانية التي أعدت لإفطار مئات الآلاف من الصائمين طوال الشهر الكريم من خلال مشروع “إفطار الصائم” الذي تتولاه إدارة مركز جامع الشيخ زايد الكبير، التي جهزت تلك الخيام بأفضل ما يكون من أجل استقبال الصائمين وتوفير أقصى درجات الراحة لهم.ومن خلال الابتسامات والوجوه المرحبة من أبناء الإمارات من المتطوعين الذين انتشروا في ساحات المسجد، وساهموا في تنظيم الأعداد الكبيرة التي توافدت على الخيام الرمضانية، أخذ الصائمون أماكنهم حول ما لذ وطاب من أطايب الطعام، ما عكس أصول الضيافة والاحتفاء بحلول الشهر الكريم من خلال مشاريع إفطار صائم التي امتدت بطول البلاد وعرضها، غير أن مشروع إفطار صائم الذي تشرف عليه إدارة جامع الشيخ زايد الكبير يبقى في مكانة مميزة، حيث من المتوقع أن يستقبل أكثر من 600 ألف صائم هذا العام من مختلف الجنسيات المقيمة على أرض الإمارات.
حسن التنظيم
وبعد الانتهاء من الإفطار، استطلعت «الاتحاد» آراء بعض الجمهور الذي احتفل بقضاء أول أيام رمضان داخل جامع الشيخ زايد، مشاركاً الآلاف من المسلمين هناك فرحتهم بقدوم الشهر، حيث يقول حسين عبد الحميد 27 سنة، موظف أمن، إنه يحرص على المجيء إلى جامع الشيخ زايد سنوياً خلال شهر رمضان لتناول الإفطار وصلاة المغرب والعشاء والتراويح، كون الصلاة هناك تحمل شعوراً خاصاً وهو وسط الأعداد الكبيرة من الناس، حتى أنه يشعر وكأنه يؤدي مناسك العمرة بسبب وجود جنسيات عديدة وتعدد الأئمة الذين يأمون الناس في صلاة التراويح خلال شهر رمضان.
ويشيد عبد الحميد بالخدمة التي يلقاها كل الناس داخل خيام الطعام أثناء تناول الإفطار، من حيث جودة الطعام وحسن التنظيم، وأيضاً الأجواء الترحيبية التي يشعرها من خلال الوجوه الطيبة لأبناء الإمارات الذين يشرفون على تنظيم هذه الأعداد، وهو جهد يستلزم توجيه الشكر لهم ولكل من ساهم في هذا العمل الخيري، وهو ليس غريباً على أهل الإمارات، الذين اشتهروا بالكرم وحسن استقبال أي ضيف، خاصة ضيوف الرحمن الذين جاءوا لأحد مساجده ليمارسوا شعائر الشهر الكريم، بحسب عبد الحميد.
وذكر أحمد سلامة 29 سنة، موظف بإحدى شركات القطاع الخاص، أن الوجود في جامع الشيخ زايد يحمل شعوراً خاصاً، سيما في شهر رمضان بسبب أجواء الكرم والضيافة التي يلاقيها هو وكل الموجودين هناك لدى تناولهم للإفطار، ثم التوجه إلى صلاة المغرب ومن ثم صلاة العشاء والتراويح وراء أحد الأئمة الكبار الذين تستضيفهم الدولة باستمرار في رمضان من كل عام.
وبين سلامة أنه يحرص على الانتظام في صلاة التراويح بجامع الشيخ زايد من كل عام، وهو سعيد بوجود الشيخ مشاري راشد العفاسي ليصلي بالناس، ويتمنى أن يراه شخصياً ويسلم عليه، كونه واحد من أفضل المقرئين في العالم الإسلامي في الوقت الحاضر.
الزيارة الأولى
أما المحاسب أشرف الشافعي 34 سنة، فكان أكثر انبهاراً من سابقيه بجامع الشيخ زايد والجوانب الجمالية الموجودة في كل تفصيلاته، كونها المرة الأولى التي يزور فيها الجامع وكانت في اليوم الأول لرمضان، ويقول إنه كان يشاهد بعض الصور الفوتوغرافية للجامع وكانت تبهره بجمالها، غير أنه لم يكن يتوقع أن يكون الجامع في الحقيقة بهذا الشكل والجمال، عندما يراه بأم عينيه، حيث وجد أشكالاً مبهرة من الزخرفة الإسلامية العريقة، ولفت نظره الطلاء الذهبي الذي يعلو المآذن والذي أشعره بعظمة العمارة الإسلامية وجعله يتخيل أنه يعيش في عصور الحضارة الإسلامية الزاهرة.
ويضيف: انتهزت فرصة وجودي بالجامع وأخذت جولة في الساحات المحيطة به، حيث وجدت مساحات واسعة من الخضرة التي تعطي انطباعاً لدى الزائر بأن المكان يهيئ الإنسان لاستعادة الصفاء الروحي ونقائه النفسي بما يتناسب مع روحانيات هذا الشهر، ولا أنكر أنني من محبي القارئ مشاري راشد العفاسي وهو ما دفعني للقدوم للجامع وحضور صلاة التراويح معه، فصوته يعطيني استجماماً داخلياً، ويدخلني في أجواء إيمانية لا حدود لها، ما سيجعلني أحاول الانتظام في صلاة التراويح داخل المسجد للاستمتاع بهذه الأجواء الإيمانية والمشاهد الطبيعة الساحرة التي تحيط به”.
ويرى الشافعي أن السر الذي يدفع الناس للقدوم لهذا المكان هو العظمة والجلال اللذان يحيطان به، وهما نتاج طبيعي لمجهودات المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي كان طيلة حياته يسعى إلى القيام بمشروعات عظيمة تخدم الإسلام والمسلمين.
المصلى الكبير
وبعيداً عن الخيام المخصصة لمشروع إفطار صائم، ثم الانتهاء من صلاة المغرب، تحلق زوار جامع الشيخ زايد جلوساً أو وقوفاً أمام المصلى الكبير في الجامع، انتظاراً لرفع أذان العشاء، ثم فتح المصلى أمامهم لياخذوا مكانهم في الصفوف الأولى ليواصلوا رحلتهم الإيمانية في صلاة التروايح وراء فضيلة الشيخ مشاري راشد العفاسي.
ومع الانتظار لدقائق عديدة، أخذ زوار الجامع في التعارف فيما بينهم بشكل تلقائي، وأمسك بعضهم بكتاب الله يتلو آيات من القرآن الكريم، ومجموعة أخرى أخذت تحرك شفاها بالذكر والدعاء والتقرب إلى الله وطلب المغفرة في هذا الشهر الفضيل.
ومن هذا المكان، تحدث بعض الزائرين، ومنهم باسم ماهر، الذي ذكر أنه جاء من منطقة المفرق منذ الساعة الخامسة ليقرأ القرآن ويمكث في الجامع حتى موعد الإفطار، ثم العودة للصلاة وقراءة القرآن، وتأدية صلاة العشاء والتراويح مع فضيلة الشيخ راشد العفاسي.
وأشاد ماهر بالاهتمام الكبير الذي يبديه مسؤولو جامع الشيخ زايد الكبير بالزوار، والحرص على راحتهم وجعل البقاء في الجامع، وجبة إيمانية متكاملة خلال رشهر رمضان، بفعل وجود أشهر القراء في العالم الإسلامي، وتنظيم دروس دينية يستفيد منها عامة الناس.
أما مهند حمايدة موظف مبيعات، فذكر أنه يحرص على الوجود في جامع الشيخ زايد الكبير باستمرار طوال فصول السنة وليس في رمضان فقط، ولا يمر شهر تقريباً إلا ويقوم بزيارته والصلاة فيه، كونه واحداً من أجمل المساجد على وجه الأرض، وزيارته تحمل متعة روحانية عميقة لمن يقوم بها، سيما إذا كانت هذه الزيارة في شهر رمضان وفي معية وعاظ كبار من كل أقطار العالم الإسلامي استضافتهم العاصمة الإماراتية على أرضها ليكتسبوا رزقهم، في بيئة صالحة ومشجعة على كل ما هو نافع ومفيد.
ثم كان افتتاح المصلى الكبير، الذي يعد أجمل أماكن جامع الشيخ زايد الكبير، ليدخل المصلون ويصطفون انتظاراً لوصول العفاسي ليؤمهم في صلاتي العشاء والتراويح، ثم أقيمت محاضرة دينية مهمة، تابعها الناس بشغف وإنصات، ثم انصرفوا بعدها، بعد أن قاموا برحلة إيمانية دارت كل مراحلها داخل أبوظبي، ليسطروا سطراً جديداً في علاقة الحب بين أبوظبي وكل من وطأت قدماه أرض هذه البلاد.