داعية إسلامي من السعودية
بالكلمات أعلاه غرد صاحب السمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ـ وزير الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ـ ناعيا ومؤبنا أخاه صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السابق، والمشرف على الشؤون الخارجية ـ الذي فجع العالم من أدناه إلى أقصاه برحيله عن هذه الدنيا الفانية ليلة الجمعة الماضية، في ليلة نفيسة من ليالي رمضان الأجل.. كلمات سمو الشيخ أعادتني إلى التفتيش عن منهج الراحل الكبير، لا سيما أن القائل والراحل من (الأقران)؛ كما يعبر عن ذلك طلاب العلم الشرعي، الذين ذكروا في قواعدهم المعروفة قاعدة شهيرة، هي: “شهادة الأقران تُطوى، ولا تروى”، وفي حالتنا هذه أثبت الشيخ عبدالله أن القاعدة ليست مطلقة، وأن معناها أن أي كلام “سلبي” بين من تساوت رتبهم لا يعتد به، بل إن “شهادة الأقران تطوى وتروى”، خاصة إذا أتت بعد معاصرة استمرت قرابة عِقد من الزمن.
عودا على تفتيشي عن (منهج الأستاذ)، عدت بالذاكرة إلى مقال كتبه سمو الشيخ عبدالله نفسه قبل تسعة أسابيع، وتحديدا في 16 من رجب الماضي، عنوانه (رجل الهمة)، إثر قراءته لخبر تنحي الأمير سعود عن منصبه، أكد فيه أنه يظلم الأمير سعود من يشبّهه بهنري كيسنجر ـ وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ـ فهو “سعود السياسة العربية، وسعود السياسة الدولية”، ثم ذكر وبكل فضل منه قوله: “تعلمتُ من هذه القامة العظيمة أشياءَ كثيرة”، وهنا تأكد عندي أن عبارة (الأستاذ) في التغريدة تعبير تعليمي يلخص لنا من هو الأمير سعود الفيصل.. المقال تضمن أيضا نقلا لقول ميخائيل جورباتشوف ـ الرئيس الأخير لما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي ـ نصه: “لو كان لدي رجل كسعود الفيصل، ما تفكك الاتحاد السوفيتي”، واختتمه الشيخ بقوله: “لا أدري كيف ستبدو طاولة اجتماعات وزراء الخارجية العرب بعد اليوم؟”، وأظن أن سموه قد قال في الأيام الماضية بعدما وصله نعي الناعي: “لا أدري كيف سيبدو حال العرب بعد رحيل العرَّاب؟” ـ العراب هنا صيغة مبالغة، وليست لقبا دينيا ـ
حصرت مفردات (منهج الأستاذ) من نفس المقالة، فوجدتها كالتالي: “فذٌ، مثقف، داهية ـ في قاموس (لسان العرب) رجل داهية أي بَصِير بالأُمورـ ، لطيف، حازم، متوازن، مسالم، توافقي، مجِّمع، متواضع، لا يحب الظهور، واضح، صريح، لا يجامل، مؤدب، مستشار، ناصح، لا يخلف الوعد، لا يضيع الوقت، ينجز، صاحب همة، نشيط، صاحب رسالة، يبحث عن مصلحة أمته، ذكي، مباشر، صاحب نظرة خاصة، يحسن ربط الأمور، خير من يحلل الأحداث”؛ ولو أراد أي متابع أن يدلل بتفاصيل من حياة فقيدنا على تمكن المحاسن التي سردتها ولخصتها من المقال، لتمكن وبكل سهولة، فالراحل الكبير وبحق مدرسة كبيرة، وجامعة عظيمة، تستحق التعجيل في كيفية أن (تُمنهج) لتظل دائمة، لا عابرة.
أحر التعازي أرفعها إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ ، الذي ودعه بكل تأثر مساء أمس، بعد أن قال له قبل أسابيع معدودة: “يعلم الله أن تحقيق طلب سموكم ـ بالاستعفاء من المنصب ـ من أصعب الأمور علينا، وأثقلها على أنفسنا”، والعزاء أقدمه لكل قريب وبعيد اتخذ أو سيتخذ من سيرة الأمير سعود ـ تغمده الله بواسع الرحمات ـ نبراسا له.
المصدر: الوطن أون لاين