رئيس تحرير صحيفة الرؤية
رحل رجل المواقف ورجل الأفعال الكبيرة.. رحل كبير العرب الذي كان يلجأ إليه الجميع عند الاختلاف فيكون بيده الحل وله القول الفصل.. رحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بعد صراع مع المرض.. رحل ليكون هناك مع العظماء من أبناء هذه الأمة ممن أبوا أن يرحلوا إلا بعد أن قدموا لها الكثير.
لقد كان الحزن العميق هو عنوان يوم أمس.. جمعة الحزن هي التي شيع فيها السعوديون، والعرب، والمسلمون، أحد أهم رموز هذه الأمة، الرجل الشجاع، وصاحب المواقف التاريخية.. الرجل الذي لم يكن يخاف في الله لومة لائم، فيضع مصلحة دينه وأمته قبل أي مصلحة.. لا تهمه في ذلك علاقة مع الشرق والغرب.. لذا كسب احترام الغرب والشرق ورثاه العالم.
أما في الإمارات فللملك عبدالله، رحمه الله، مكانة خاصة فحب شعب الإمارات للملك كحبهم للراحل الكبير والد الجميع الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، وهو بمثابة الوالد الحريص.. ومن تابع الشارع الإماراتي بالأمس رأى أن حزن أبناء الإمارات لم يختلف كثيراً عن حزن أهلنا في السعودية.. فعلاقة الإمارات بالسعودية عميقة تبدأ من الشعبين، وتقوى بين القيادتين، فعلاقة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه، كانت متميزة وقوية بالملك عبدالله بن عبدالعزيز، كما أن لها خصوصيتها وقوتها بالملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي تولى مقاليد الحكم في المملكة في انتقال سلس للسلطة.. انتقال أعطى مؤشراً قوياً للجميع بمدى استقرار الحكم في المملكة، وأكد أن البيت السعودي متماسك، وهذا ما شعر به الجميع بالأمس.. فكان العزاء الأكبر للجميع، هو ظهور ذلك التماسك، والترتيب الكبير للمرحلة الانتقالية في الحكم، وفي اختيار ولي العهد، وولي ولي العهد.
سيذكر التاريخ دائماً مواقف الملك عبدالله العديدة وسيتذكر جيداً موقفه مما كان يسمى «الربيع العربي» الذي كاد يضيع الوطن العربي، ويحول المنطقة إلى ركام وأشلاء، وسيذكر التاريخ موقفه، رحمه الله، من الإرهاب وعمله الكبير لمواجهته بكل حزم؟ سيتذكر التاريخ عمله في نشر الأمن والسلام الدولي وفي التقارب بين الشعوب والثقافات، وسيذكر خدماته للإسلام والمسلمين وحرصه على وحدة الصف الإسلامي..
وفي هذا الوقت الذي يتولى فيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، مقاليد الحكم في المملكة، فإنه بلا شك يدرك حجم التحديات التي تواجه المملكة والمنطقة على حد سواء.. وكما أعلن في خطابه أنه سيواصل السير على نهج المؤسسين، فإن ذلك يعني استمرار العمل على تقوية الصف العربي، وترتيب البيت العربي، فنحن اليوم بحاجة إلى عمل أكبر من أجل بيت عربي متوحد وقوي، يمكنه أن يواجه الأطماع الإقليمية والتحديات الخارجية.
المصدر: الاتحاد
http://www.alittihad.ae/columnsdetails.php?category=1&column=59&id=8767&y=2015