عبد الله الشمري كاتب و باحث سعودي متخصص في الشؤون التركية
شهد مؤتمر (صناع السياسات الامريكية العربية ، التحول في العلاقات) في العاصمة واشنطن -والذي حضره عشرات من الدبلوماسيين والمسئولين والاكاديميين والطلبة من الجامعات الامريكية بما فيها العسكرية – رسائل صريحة ومباشرة وقد لا تكون بالضرورة مقنعة او مبهجة للطرف والرسالة الامريكية كانت “امريكا تغيرت ولم يعد لديها قدرة على الاستمرار كقائدة للعالم كما كانت تحرص من قبل وخاصة من حيث اهتمامها بالشرق الاوسط ،ولسان الحال الامريكي المنهك اقتصاديا وعسكريا هي «انتم ادرى بأمور شرق اوسطكم ومشاكلكم “.
في محور (العراق وسوريا) والذي رأسه د. جون اسكنر مدير قسم الشرق الاوسط بمعهد الخدمة الخارجية وشارك فيها د.باول سوليفان من جامعة الدفاع الوطني والسفير الامريكي السابق في سوريا تيودور كاتوف و د. ديفيد ليتش والسيدة منى يعقوبان و د.جوديث يافا الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية والمسئول السابق في الاستخبارات الامريكية، كانت الرسالة الامريكية (لا للتدخل العسكري خشية من تقسيم سوريا وبسبب انقسام المعارضة والخوف من القاعدة).
ورقتي العربية الوحيدة في المحور كانت بعنوان « التحول في العلاقات السعودية الامريكية ،من خلال نتائج الغزو الامريكي للعراق والموقف الامريكي من سوريا» و ان وحدة العراق تتعرض لتهديد واضح وحتى الان لايوجد اي ضمان باستمرار العراق موحدا ،بسبب تدخل ايران المباشر والخلاف بين القوى الرئيسية ،والاسوأ سيطرة ايران بشكل واضح على القرار السياسي بل وعلى المرجعية الروحية في النجف والعقائدية في الكوفة .
استراتيجيا يمكن مشاهدة بروز تحالف جديد اطرافه (العراق وايران وروسيا) وربما الصين وهذا الحلف ، فيما لو استمر فسيقلب موازين القوى ليس فقط على مستوى الشرق الاوسط وانما على مستوى العالم.
وفيما يتعلق بالموقف الامريكي من الوضع في سوريا فقد ذكرت ان ثورة الشعب السورى السلمية ادت لبروز فرصة تاريخية امام واشنطن لتكسب قلوب وعقول ملايين العرب من جديد ، لكنها لم تفعل لاسبابها الخاصة ، ويبدو ان دول الخليج بالغت كثيرا في توقع موقف امريكي قوي سواء كان عبر الضغط على الصين وروسيا او عبر ايجاد حلول مباشرة عبر الناتو وخارج مجلس الامن كما حدث في كوسوفا .والغريب ان الموقف الامريكي الغامض والمتردد قابلته مواقف ايرانية وروسية تعلن بشكل صريح تدخلها في الازمة ودعم نظام بشار الاسد.
الموقف الامريكي من التفرج على الوضع في سوريا وخاصة بعد ازمة اللاجئين والتي تحولت الى ازمة اقليمية وانسانية ،وضع علامات استفهام كثيرة حول اعلان واشنطن الدائم دفاعها عن حقوق الانسان وخاصة النساء والاطفال ودعم الحريات وحماية السلم الاقليمي.
السياسة الجديدة في واشنطن ” ستتعامل بكل برجماتية مع الاسلام السياسي ولا تمانع في التقارب مع ايران اذا ما تم التوصل لتسوية ما حول برنامجها النووي ” والتغيير الامريكي واضح حتى قبل نتائج الانتخابات والسؤال : هل ستقرأ دول الخليج المتغير الجديد في توجه ومزاج السياسة الامريكية ؟
المصدر: جريدة اليوم