رئيس تحرير صحيفة الرؤية
يخونون أوطانهم وأماناتهم ويخونون ثقة الناس فيهم، ويضربون بالنوايا الحسنة عرض الحائط، فيستغلون هذا الشهر العظيم بكل ما فيه من خير ورحمة وبركة، فيجمعون التبرعات من المحسنين، بحجة بناء مسجد أو كفالة يتيم أو كسوة عيد أو مساعدة المحتاجين في سوريا وفلسطين، وقائمة الاستغلال طويلة ولا تنتهي، بل تتجدد في كل عام، والملايين من الدراهم والدنانير والريالات تجمع ويتم إرسالها إلى جهات لا يعلم بها أولئك المحسنون، ظناً منهم أنها قد ذهبت إلى حيث يظنون، لكن الأيام كشفت لنا أن كثيراً من التبرعات تذهب إلى جهات غير معلومة، وتبرعات أخرى تذهب إلى «داعش» وجماعات إرهابية هنا وهناك بحجة دعم «المجاهدين» ونصرة المسلمين وقضاياهم، وهذا كله كذب، فالأموال تذهب لدعم الإرهاب وشراء الأسلحة وتهريب الشباب وتدريبهم، ليتحولوا إلى انتحاريين وقنابل موقوتة تقتل الأبرياء، وقبل ذلك تقتل الخير في الناس.
في الإمارات، تم التنبه إلى هذا الأمر، وتم اتخاذ إجراءات صارمة تمنع جمع التبرعات، إلا من قنوات معروفة وجهات معتمدة، الأمر الذي قطع على الاستغلاليين مصدراً مهماً لتمويل المخربين والإرهابيين، وبالأمس أكدت السلطات السعودية أنه سيتم ضبط كل من يدعو أو يقوم بجمع التبرعات من دون ترخيص وإخضاعهم للأنظمة المرعية بالمملكة وإيقاع الحجز التحفظي على حساباتهم البنكية المعلنة لجمع الأموال، كما سيتم إبعاد غير السعوديين ممن يرتكبون مخالفة الأنظمة بجمع التبرعات بعد تطبيق العقوبات المقررة نظاماً بحقهم، وذلك بعد أن تم رصد قيام أشخاص وكيانات «مؤسسات – شركات» غير مصرح لهم بانتهاز رغبة المواطنين والمقيمين بالمملكة بالعمل الخيري خلال شهر رمضان المبارك للدعوة لجمع التبرعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ورسائل SMS، مستغلين في ذلك معاناة الأشقاء السوريين والصراعات الدائرة في المنطقة.
وكذلك قامت الكويت بخطوة مشابهة، فقد شددت الجهات المعنية على أنه يمنع منعاً باتاً جمع التبرعات النقدية من قبل مندوبي اللجان الخيرية والجهات المصرح لها بجمع التبرعات، وفي حالة المخالفة تخطر الجمعية الخيرية التابع لها المندوب والممثل لها بهذه المخالفة، وأكدت الجهات المعنية في الكويت السماح بجمع التبرعات في شهر رمضان المبارك عن طريق الاستقطاعات البنكية أو البطاقات المدفوعة فقط.
هذه الخطوات والإجراءات مهمة في سبيل ضمان وصول الصدقات لمستحقيها، وفي الوقت نفسه لمحاصرة الإرهاب وتجفيف مصادر التمويل وقطع الموارد المالية التي تصل إليهم، خصوصاً من دول الخليج خلال شهر رمضان، الذي ظهر لنا أنهم يعتبرونه الدجاجة التي تبيض لهم ذهباً، وهذه الخطوات الخليجية الجريئة من المهم أن تتبعها خطوات عربية، فلا يزال الإرهاب يعيش على أموال الصدقات والمحسنين والمسلمين في كل مكان دون أن يدركوا ذلك.
المصدر: الإتحاد