
أعلنت شركة ميتا عن خطط لإنشاء مختبر جديد يركز على تطوير ما يُعرف بـ”الذكاء الفائق” — أنظمة ذكاء اصطناعي تتجاوز القدرات المعرفية البشرية — في خطوة جريئة تأتي بعد إخفاقات سابقة، وسط سباق محموم مع عمالقة مثل OpenAI وجوجل.
هذا الإعلان يأتي بعد سلسلة من الانتكاسات في مساعي ميتا السابقة للتميز في مجال الذكاء الاصطناعي، كان أبرزها الأداء المخيب لإصدار “لاما 4″، وما تلاه من انتقادات حول تلاعب في عرض قدرات النموذج.
المشروع الجديد يقوده ألكسندر وانغ، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Scale AI، والذي انضم إلى ميتا ضمن إعادة هيكلة كبرى لجهود الشركة في الذكاء الاصطناعي تحت إشراف الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج. وتفيد التقارير أن ميتا تفاوضت على تعويضات ضخمة – تصل إلى تسعة أرقام – لاستقطاب كبار الباحثين من شركات منافسة مثل OpenAI وجوجل.
مصطلح “الذكاء الفائق” لا يزال محل جدل علمي واسع. فبينما يرى بعض الخبراء أنه تطور حتمي، يعتبره آخرون فكرة ضبابية تُستخدم أكثر لأغراض تسويقية واستثمارية من كونها هدفاً واقعياً. الدكتورة مارغريت ميتشل، باحثة بارزة في المجال، حذّرت من أن الذكاء ليس مقياسًا موحدًا، محذّرة من تسرّع بعض المستثمرين في إعلان تفوق الآلات على البشر، دون أسس علمية واضحة.
التحول نحو “الذكاء الفائق” يعكس قلق ميتا من فقدان مكانتها بين عمالقة التكنولوجيا، لا سيما بعد أن تبنّت شركات مثل مايكروسوفت وأمازون وجوجل استراتيجيات هجومية في الذكاء الاصطناعي. وقد زاد هذا القلق مع إعلان الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، سام ألتمان، عن ثقته بإمكانية بناء ذكاء عام اصطناعي قريبًا، وتنبؤات إيلون ماسك بأن الذكاء الاصطناعي سيتفوق على البشر خلال عامين.
ورغم هذه التصريحات الطموحة، يواجه المجال عوائق علمية كبيرة. يان ليكون، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في ميتا والحائز على جائزة تورينج، يرى أن تحقيق ذكاء عام أو فائق يتطلب ابتكارات جوهرية جديدة، وليس فقط تحسينات تدريجية على النماذج الحالية، وفقا “arstechnica”.
ويُذكر أن وانغ، الذي بنى شبكة قوية من العلاقات في مجتمع الذكاء الاصطناعي، كان قد شارك في تطوير تقنيات لصالح OpenAI ومايكروسوفت عبر شركته Scale AI المتخصصة في تصنيف البيانات. وتفيد مصادر أن ميتا تجري محادثات لاستثمار مليارات الدولارات في شركته ضمن صفقة أكبر تشمل نقل موظفين موهوبين من Scale إلى ميتا.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الوعود بتقنيات ثورية، يرى منتقدون أن الحديث عن “الذكاء الفائق” قد يتحول إلى مجرد وسيلة لجذب تمويلات ضخمة، خاصة في ظل غياب تعريف موحد لما يُعتبر “تفوقًا” على الذكاء البشري. حتى مؤيدي الذكاء الفائق، مثل إيليا سوتسكيفر – المؤسس المشارك لـ OpenAI – أطلقوا شركات تركز فقط على تطوير هذا النوع من الذكاء، مؤكدين على أهمية السلامة قبل كل شيء.
في المحصلة، تتجه ميتا نحو مغامرة تقنية محفوفة بالتحديات والغموض، مدفوعةً برغبة في استعادة موقعها الريادي. لكن يبقى السؤال: هل ستتمكن من تحقيق تقدم حقيقي، أم أن “الذكاء الفائق” سيبقى شعارًا فضفاضًا يُستخدم أكثر في المؤتمرات والعناوين الصحفية منه في المختبرات؟
المصدر: البيان