شارك مئات الأشخاص في تشييع جثمان مصطفى بدر الدين أحد قادة حزب الله البارزين بعد أن قُتل في هجوم بسوريا، ونشر الحزب أمس، نتائج تحقيقاته التي أجراها بخصوص كيفية مقتل قائده العسكري في دمشق. وقال الحزب إن بدر الدين قتل في قصف مدفعي للعناصر التكفيرية، مكذّباً ما ذكرته الوسائط الإعلامية التابعة للحزب والمقربة منه والتي نشرت أمس تقارير تحدثت فيها عن أن بدر الدين قتل بصاروخ موجه شديد التطور، وأن هذا الصاروخ سقط على بعد مترين منه، يعمل «وفق آلية تجعل منه أقرب إلى القنبلة الفراغية».
وقال حزب الله في بيان «أثبتت التحقيقات الجارية لدينا أن الانفجار الذي استهدف أحد مراكزنا بالقرب من مطار دمشق الدولي والذي أدى إلى استشهاد مصطفى بدر الدين ناجم عن قصف مدفعي قامت به الجماعات التكفيرية الموجودة في تلك المنطقة».
وكذّب المرصد السوري رواية الحزب، وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد لرويترز «لم يسجل أي سقوط قذائف أو إطلاق قذائف من الغوطة الشرقية على مطار دمشق الدولي منذ أسبوع».
واستندت صحيفة «الأخبار» في تقرير نشرته أمس إلى أن بدر الدين لم تبد عليه إصابات تنتج عن انفجار، بل مجرد نزف في الأنف والعينين. وذكرت أن بدر الدين قتل بعد انتهاء اجتماع كان يجريه مع بعض أفراد ميليشيات حزبه. وأن انفجار الصاروخ الذي يشبه القنبلة الفراغية تلا خروج المجتمعين وبقاء بدر الدين في مقر الاجتماع، مشيرة إلى أن القيادي القتيل أصيب بجروح بسيطة في بطنه وأسفل رأسه.
إلى جانب ذلك، فإن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، امتنعت عن التعليق على مقتل القيادي العسكري في ميليشيات «حزب الله» اللبناني، والذي قتل في دمشق، في عملية لم تتضح تفاصيلها بعد في شكل نهائي وموثّق. وقالت المحكمة على موقعها الإلكتروني إنها أخذت علماً «بالتقارير التي نشرت الجمعة في وسائل الإعلام والتي أعلن فيها عن مقتل بدر الدين، مؤكدة أنها لا تستطيع التقدّم بأي «تعليق» حول إعلان الوفاة قبل «صدور قرار قضائي».
إلا أن مصادر إعلامية قريبة من «حزب الله» اللبناني، قالت إن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، قد تطلب تأكيداً رسمياً بمقتل بدر الدين، وأنها قد تطلب، في السياق عينه، إجراء فحوص ال«دي. إن. إيه» للتأكد من وفاة الشخص المعني والذي سبق ووجهت له المحكمة اتهاماً رسمياً باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.
وتتحدث مصادر مختلفة عن بلبلة ضربت أوساط «حزب الله» في سوريا جراء مقتل بدر الدين، في منطقة تعتبر «ممسوكة أمنياً» من جهته هو أو من جهة نظام الرئيس السوري بشار الأسد الحليف. ومكان التفجير الذي قتل فيه مصطفى بدر الدين «هو واحد من أكثر المناطق أماناً وتأميناً، ليس في العاصمة، وإنما في جميع أنحاء سوريا».
وأشارت مصادر مختلفة إلى أن ثمة قتلى آخرين قضوا مع بدر الدين، إلا أن الحزب لم يؤكد ذلك، ونفت مصادر إعلامية مقربة منه أن يكون سقط له 7 قتلى في العملية المشار إليها.
وسبق أن سمّي مصطفى بدر الدين «شبحاً» لدى كثير من الذين تناولوا شخصيته، نظراً لتغيير مكان إقامته المستمر وغموض تنقلاته وملامحه وتغيير اسمه وصفته ومهنته.
إلا أنه رغم تلك الشبحية، كان القائد العسكري الوحيد لدى «حزب الله» اللبناني الذي يشار إلى مكان إقامته علناً، وذلك في خبر نشرته وسائل إعلام تابعة للحزب المذكور في وقت سابق من العام الماضي، قالت فيه إن بدر الدين يقاتل في سوريا ولن يعود من هناك إلا قتيلاً.
ما أثار استغراب عدد كبير من المراقبين والمحللين السياسيين حول سبب إعلان«حزب الله» مكان إقامة بدر الدين في دمشق، في الوقت الذي يحرص فيه الحزب حرصاً مفرطاً على مكان عمل قادته وساحة نشاطهم، خصوصاً مع واحد مثل مصطفى بدر الدين، الذي اعتبر خليفة للقائد العسكري في الحزب عماد مغنية، وفي الوقت ذاته، مطلوب للعدالة الدولية بجريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.
وكان حزب الله اللبناني، قد أعلن في وقت مبكر الجمعة، أن بدر الدين قتل في غارة جوية «إسرائيلية» في سوريا ليل الثلاثاء الماضي، قبل أن يتراجع ويعلن مقتله بهجوم استهدف أحد قواعده قرب مطار دمشق الدولي.
وكانت قناة الميادين التلفزيونية اللبنانية المقربة من الحزب قد ذكرت أيضاً أن بدر الدين قتل في ضربة جوية «إسرائيلية».
ونفى القائد العام لغرفة عمليات دمشق وريفها أبو زهير الشامي اغتيال بدر الدين من قبل الفصائل المسلحة التابعة للجيش الحر في سوريا، وقال: «لو كنا نحن من قتلناه، لأعلنا ذلك في وقته وبكل فخر واعتزاز، لأنه عدو حقيقي لنا، وقتله هدفنا». لكنه اعتبر «أن اتهام الفصائل المسلحة من قبل حزب الله هو الإفلاس الحقيقي الذي يهدف إلى رفع معنويات مرتزقته، وليكون ثأرهم أكثر من دم الشعب السوري من أطفال ونساء وشيوخ بعد إحباط معنوياتهم في حلب ومعظم المحافظات السورية وإثر خسائرهم المتتالية».
وأكد الشامي أن من قام بعملية قتل مصطفى بدر الدين هم من الدائرة المقربة لحزب الله والنظام السوري ليتخلصوا من متهم مهم بقتل رفيق الحريري.
من جهتها، أكدت مزن مرشد، عضوة المكتب السياسي في تيار الغد السوري على أنها «ما هي إلا أوراق يحرقونها»، وعبرت عن قناعتها «بأن حزب الله نفسه من قام بالعملية ليتخلص من شخص متهم باغتيال الحريري».
المصدر: الخليج