زايد أمر براتب شهري للطلاب تشجيعاً للتعليم

أخبار

دبي ـ علي الظاهري

هي حكاية نستعيد منها الماضي، ونتشارك فيها البدايات. نتقاسم معها القدم، ونتجلى معاً أحلى الذكريات. مع قدامى عاشوا الماضي وعايشوا الحاضر ولا يزالون. سنواتهم عامرة بالعطاء، وأيامهم زاخرة بالمواقف والذكريات. لديهم المزيد دوماً.. حكاياتنا في رمضان قصصٌ تستحق أن تُحفظ في ذاكرة التاريخ، وتوثيقٌ يصلحُ للحاضر ويزهو حتماً في المستقبل، حكاياتنا فيها عبرة وقدوة للأجيال، ولها سطوة في سجل الطموح، حكاياتنا مع الماضي تحمل من التشويق الكثير، ومن الصبر والإصرار والطموح ما هو أكبر، حكاياتنا تزودنا كل يوم بمواقف ثرية ونماذج فريدة من العطاء. حكاياتنا تستحق التوقف والإمعان، وتفرض قصراً التقدير والاحترام.. لكل يوم حكاية، واليوم هذه حكايتنا.

 عائشة اسماعيل مربية الأجيال، ومعلمة اللغة العربية في مدرسة فاطمة الزهراء في الشارقة تحمل ذكريات أيام خلت منذ ما قبل الاتحاد الى الآن، والحديث معها شيق للغاية تسرد معالم الأبنية المدرسية وظروف الحياة الصعبة التي عاشوها أيام زمان، الى أن جاء المغفور له الشيخ زايد حاملا راية الاتحاد حيث أولى أهمية كبيرة للتعليم وأمر بصرف رواتب للطلبة وزاد رواتب المعلمين. كان زوجها رحمه الله معلما للغة العربية في مدرسة الأحمدية في دبي ولنقرأ معا ماذا قالت المعلمة عائشة عن التعليم أيام زمان. جئت منتدبة على حساب دولة الكويت للعمل في الإمارات سنة 1968 وبقيت أعمل مدرسة لغة عربية حتى عام 2005 وبعدها تقاعدت.

جئنا أسر ولم نأت فرادى وذلك لصعوبة الحياة في المنطقة في ذلك الوقت حيث لا توجد أي وسيلة للترفيه وكذلك الجو كان شديد الحرارة… البنايات بسيطة والطرق وعرة.. الرواتب كانت قليلة جدا في حدود ألف وثلاثمئة درهم والحياة رخيصة جدا لا توجد سوى البقالات.. كان زوجي، رحمه الله، يرافقني في نفس العمل يحمل نفس مؤهلاتي لأنه كان زميلي في الجامعة.

زوجي في الأحمدية

كنت أعمل في الشارقة في مدرسة فاطمة الزهراء الثانوية، وهو يعمل في دبي في مدرسة الأحمدية الإعدادية، كان رحمه الله، رياضياً يشغل وقته في الرياضة والكتابة، المدارس في الإمارات كانت محدودة فبجوار المدرسة التي أعمل بها كانت توجد مدرسة واحدة هي مدرسة رابعة العدوية للبنات وهي مدرسة ابتدائية، وكذلك لا توجد سوى مدرسة واحدة للبنين ابتدائية بجوار مدرسة العروبة الثانوية، أما في دبي كانت هناك مدرسة واحدة ثانوية للبنين وهي مدرسة دبي الثانوية.

ملامح التعليم في الإمارات سابقاً كانت مختلفة نسبياً، فالتوجيه على سبيل المثال، كان يأتي إلينا الموجه مرة كل عام من دولة الكويت ليتابع أعمال المدرسين، والسنة الدراسية تسعة أشهر متتالية لا توجد عطلة ربيع، العام يبدأ من أول سبتمبر وينتهي في آخر مايو تأتي الطائرة الخاصة لتنقل المدرسين إلى بلدانهم وتعيدنا في أول العام الدراسي.

وسيلة النقل كانت تجمعنا، والوسيلة الوحيدة للذهاب إلى المدرسة هي الباصات.. تجمع الطالبات صباحاً من دبي وعجمان ورأس الخيمة، وتوصلهن إلى المدرسة وكذلك المدرسات، إذ يجمعنا الباص صباحا ويوصلنا إلى منازلنا ظهرا وكذلك الطالبات. وفي داخل الصفوف، اتسمت بكثافة عالية، وكذلك غلبت عليها البساطة جدا، تتراوح في المراحل العليا بين العشرة والتسعة.

اشراف على المعلمات

وأضافت في مدرسة فاطمة الزهراء الثانوية للبنات بالشارقة، أقوم بتدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية وكذلك أشرف على التربية العملية للطالبات المعلمات اللاتي يتخرجن مدرسات للمرحلة الابتدائية، وبعدما شهدت الدولة قيام الاتحاد، أهتم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بقضية التعليم بشكل لافت، وأولاه أهمية بالغة، فزاد عدد المدرسات والمدرسين إلى جانب المدارس التي شهدت طفرة منقطعة النظير، فأمر كذلك بإعطاء الطلاب رواتب شهرية لا فرق بين المواطن والوافد، وكذلك عمل على رفع أسقف رواتب المدرسين، وأخيراً ارتفع عدد الخريجين والخريجات وتبوأت كثيرات من طالباتي مناصب مرموقة ومناصب عليا مما زاد في سعادتي وشعوري بالفخر للانتماء لمهنة التدريس. جئت إلى الدولة وأنا في أوائل العشرينات، عشت طوال هذه المدة إلى أن وصل عمري إلى أوائل السبعينات أعيش في هدوء وطمأنينة ولا أشعر بالغربة وأنا على أرض هذه البلد المعطاء.

ذكريات جميلة

احتفظ بذكريات جميلة ورائعة من تلك الأيام التي امضيتها في التدريس، والمتعة في أن تجد ثمار جهدك وعملك قد بانت في الأجيال التي بذلت جهدا في تدريسها، وكم من طالبة واجهتها وقدمت لي الشكر وتذكرت معي تلك الأيام الجميلة رغم الفارق المبير بين ما يجده جيل اليوم من رفاهية ووسائل تعليمية وتقدمة لكن تبقى اللغة العربية هي الأم وهي الأساس في الرقي وأتمنى على جيل اليوم ان يتقن اللغة العربية التي تعبر عن هويتنا الوطنية.

المصدر: البيان