كاتب و ناشر من دولة الإمارات
يأتي رمضان، ويعقبه رمضان آخر، وأنت الغائب الأكبر، نفتقدك بحجم غيابك، بصدمتنا في فقدك، وحزننا لرحيلك، ويمضي رمضان، ولا تزال أعيننا للسماء وقلوبنا تهفو لك ولأجلك، لا نعلم إلى ماذا ننظر وننتظر!
محصن بالدعوات، مشيع بالبركات ولا تزال أكفنا مرفوعة، ندعو لك، علنا نرجع بعض من خيرك، بعض من حبك وتفانيك لأجل شعبك.
منذ رحلت وتركتنا نحن اليتامى بعدك، ثكلى بدونك، شعبك يا سيدي يحن لك.
أينما وجد الخير وجدت، اسمك بعدك يسافر في كل الاتجاهات، يميناً إذا كان العطاء يميناً، ويساراً إذا كان الجود يساراً.
زايد الخير.. كيف قدر لهذا الاسم أن يخترق القلوب، ويبقى أثراً أبدياً في كل قلب.
نفتقدك كما لم نفتقد أحد! لغيابك صمت الحزن، ولرحيلك صوت الألم.
منذ أن رحلت يا سيد المكان لم تعد الأشياء كما كانت هي الأشياء! مبعثرة مشاعرنا، من يرتبها؟ ويرتبنا بعدك؟ المكان مثلنا يفتقدك، والزمان يا سيد اللحظات بكل دقائقه الثقيلة وجموع الثواني البطيئة يشتاق لك.
منذ أن رحلت، ووهج حضورك لا يزال بريقه يشع في كل الأمكنة، يضيئ طرقنا، يوجهنا، ويذكرنا بك.
سيدي، رحيلك غير خريطة قلوبنا، وتفاصيل أحاسيسنا، وأشكال مشاعرنا، كنا نخاف أن ننكسر بعدك، ولا نقوى على المسير، وكنا نخشى أن تضيع خطواتنا في زحمة الدروب، حتى أتى خليفتك، وانتشلنا من مخاوف أوهامنا، إلى واقع حياتنا، ووضعنا على الدرب الصحيح، دربك.
نناجيك في هذا الشهر المبارك، وندعو الله أن يرحمك ويغفر لك، يا من بطيبتك عفوت وسامحت المخطئين، وعلى الرغم من تجاوز من تجاوز في حقك وحقنا، كان قلبك الكبير أكبر منهم، لم تحمل غلاً لأحد، كانت العدالة منهج الحكم، ساويت بين البشر، وأسرت قلوبنا بعدلك.
نرى البساطة في أبنائك، كم هم قريبون منا كقربك لنا، نرى فيهم شجاعتك وقيادتك، يسيرون على نهجك، نهج زايد، بايعناهم بحب، كما بايعناك بحب، وملكت قلوبنا بحب ونفتقدك الآن بكل حب.
إنه الحب يا سيد القلوب يحركنا، كما زرعته بيديك في بلادنا، ينبت الآن في كل أرجائنا.
أنت ذاكرة هذا الوطن، كيف لنا أن نعيش بلا ذاكرة، يختزل فيك تاريخنا والبدايات، كل الأشياء الجميلة في هذا الوطن الجميل مقترنة بك، جزءاً منك، ندين لك بالبدايات وبكتابة تاريخ هذا الوطن.
عندما شيعتك كنت أودع أجزاء مني معك، أشيع اللحظات الثمينة في حياتي، وأهم من أثر في مسيرتي، ككل المشيعين هزمتنا دموعنا، نغالبها وتغلبنا، ما أقسى بداية غيابك، وما أصعب نهاية فراقك، وأنا في زاويتي أناظرك، محمولاً على الأكتاف، خفيف النعش، مملوءاً بالحسنات، طاب مثواك يا سيد المكان، وطيب الله ثراك.
المصدر: صحيفة الإتحاد