كاتب وإعلامي سعودي
زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للرياض في شهر آذار (مارس) المقبل ليست زيارة عادية، كما هي زيارات الرؤساء الأميركيين السابقين، فالكل يعرف أن علاقة الرياض وواشنطن تعيش أصعب مراحلها، وتتمثل بعدم رضا السعوديين عن مواقف الأميركيين، وعلى رغم تأكيدات المسؤولين في الجانبين على تاريخية واستراتيجية هذه العلاقة المميزة والممتدة لعقود طويلة، إلا أن الرياض عبرت منذ عام من الآن عن عدم رضاها عن سياسية أميركا الخارجية في المنطقة.
فالرياض من أقوى وأهم حلفاء واشنطن في المنطقة، ويعلم الأميركيون قبل غيرهم ثقلها السياسي والاقتصادي والديني في العالم، في الوقت الذي يعرف السعوديون مكانة أميركا، وأنها القوة العظمى في العالم.
هناك خلافات بين الجانبين في عدد من الملفات المهمة في المنطقة، وترى الرياض أن واشنطن بدأت تتلوّن تجاه قضايا مشتركة في الشرق الأوسط بل أفصحت الرياض بطريقة أو أخرى عن غياب الشفافية في تعاطي حكومة أوباما مع الملف السوري، والذي سيكون ضمن أولويات الملفات المطروحة للنقاش في زيارة أوباما المرتقبة آذار (مارس) المقبل.
من المتوقع أن يقدم الأميركيون للرياض تفسيراً لتراجع دورهم في معالجة القضية السورية، بعد أن كانوا على وشك توجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد في أعقاب استخدامه الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، ولماذا توقفت أميركا عن ضربها نظام بشار الأسد بعد تنسيقها مع حلفائها في المنطقة؟ وكلنا يتذكر حينما قطع العاهل السعودي إجازته الخاصة في المغرب وعودته إلى بلاده لقرب وقوع تلك العملية، لكن في اللحظات الأخيرة تم إلغاء ذلك العمل العسكري بعد لقاء للرئيس أوباما مع الرئيس الروسي بوتين.
الرياض تشعر بالمرارة والغضب من عدم شفافية أميركا وموقفها المتخاذل مما يجري من قتل وتدمير للشعب السوري، واختزالها للأزمة السورية في أسلحة نظام بشار الكيماوية، بل إن واشنطن وقفت ضد تسليح المعارضة السورية بأسلحة نوعية تغير معادلة الحرب على الأرض، وهذا ما جعل سورية تصبح ساحة للحروب بالوكالة، يدفع الشعب السوري والشعوب العربية ثمنها، ما نتج منه رفض الرياض لعضوية مجلس الأمن وخطاب مندوبها في المنظمة الدولية، حينما عبر بأسف بالغ عن عجز وضعف المجتمع الدولي إزاء ما يحدث في سورية. بل إن ممارسة روسيا والصين حقهما في استخدام الفيتو بتبجح واضح في مجلس الأمن زاد من تعقيد الأمور، وأجج مشاعر الجماهير الإسلامية، وزاد من نقمتها على القوى العظمى التي تعاملت مع الدماء السورية بهذا الرخص.
ومن المتوقع، أن يأتي ملف إيران ثانياً في المناقشات السعودية الأميركية، إذ ما زال اتفاق مجموعة الخمسة زائداً واحداً مع إيران في شأن ملفها النووي، يقلق دول الخليج التي كان يجب إشراكها في المفاوضات منذ بداياتها أو اطلاعها، على أقل تقدير، على سير المفاوضات في سلطنة عمان. بل إن المزعج حقاً هو أن هذا الاتفاق أعطى انطباعاً لدى حلفاء واشنطن في المنطقة، بعدم وضوح الدور الذي ستلعبه إيران في المنطقة، خصوصاً أن بعض الدول العربية تعيش فراغاً سياسياً، كما أن التقارب التركي – الإيراني يعتبر مقلقاً لدول الخليج والسعودية بخاصة، إذا فُسر هذا التقارب بمحاولة المخطط الأميركي هذا بمنح إيران دوراً إقليمياً وعزل السعودية، وترغيب أصدقائها بالتوجه نحو إيران، كونها القوة المقبلة في الشرق الأوسط، وما يؤكد هذه الشكوك لدى دول الخليج هو إعلان عودة العلاقات الإيرانية المغربية مساء الأربعاء الماضي، إذ جاء قرار عودتها بعد زيارة ملك المغرب محمد السادس لأميركا، وكأن هناك أملاءات أميركية بهذا الصدد.
القمة السعودية – الأميركية المقبلة يجب أن تكون قمة صراحة ووضوح، وليست للمجاملات، وعلى السعوديين العمل الجاد لتغيير الموقف الأميركي تجاه القضايا الحيّة في المنطقة، مثل: سورية وإيران ومصر وعملية السلام في الشرق الأوسط، فإذا لم يكن هناك مخرجات ملموسة لهذه الزيارة فقد تشهد العلاقات بين الجانبين المزيد من التدهور مستقبلاً، بخاصة أن لأميركا مخططاً معلناً وواضحاً لتغيير خريطة المنطقة، فحسب آخر تصريح لمحمود جبريل رئيس الوزراء الليبي السابق، قال: «إن الإطاحة بمرسي ضربة للبرنامج الأميركي في منطقة الشرق الأوسط، وهذا البرنامج ينفذ بسواعد قطرية وتركية».