كشفت سجلات الهجرة بأميركا أخيراً عن معلومات تعود لحياة والد الرئيس الأميركي باراك أوباما أثناء دراسته في جامعة هارفرد، حيث تبين أن أوباما الأب أجبر على إنهاء دراسته ومغادرة الولايات المتحدة عائدا إلى كينيا قبل أن ينهي شهادة الدكتوراه في الاقتصاد، بضغط من الجامعة التي كانت تشعر بالقلق من حياته الخاصة وزيجانه المتعددة ووضعه المالي، وهو الأمر الذي ردت عليه الجامعة ببيان أكدت فيه غياب أي شيء ضمن سجلاتها يؤكد الأقوال الواردة في مذكرات دائرة الهجرة والتجنيس الأميركية.
والتقرير الذي نشرته صحيفة “بوليتكو” الأميركية أخيرا، يعتمد في جانب كبير منه على مذكرات كتبها مسؤول في دائرة الهجرة يدعى إم إف ماككيون عام 1964.
حيث تنقل عنه قوله إن جامعة هارفرد طلبت من دائرة الهجرة والتجنيس تأخير الطلب الذي تقدم به باراك حسن أوباما الأب لتمديد إقامته في الولايات المتحدة إلى “أن تقرر الجامعة مسار التحرك الذي قد تمضي به في سبيل التخلص منه”. وتذكر المذكرة أن مسؤولي الإدارة في هارفرد: “كانوا يجدون صعوبة في ترتيب أوضاعه المالية، ويبدو أنه لم يكن بإمكانهم معرفة عدد الزوجات اللواتي يقترن بهن”.
وكانت مذكرة سابقة لدائرة الهجرة والتجنيس صادرة عن ماككيون نفسه، قد أفادت أن أوباما الأب نجح بامتحاناته وكان يستحق البقاء في البلاد على أسس أكاديمية لينهي أطروحته، إلا أن الجامعة كانت ستحاول “تدبير شيء ما لجعله يترك بهدوء دون كثير من الإحراج”، وأضافت المذكرة: “كانوا يخططون للقول له انهم لن يمنحوه أي دعم مال، وبالتالي من الأفضل له أن يعود إلى كينيا ويعد أطروحته انطلاقا من منزله”.
وفي رسالة وجهها مدير المكتب الدولي في جامعة هارفرد، ديفيد دي. هنري، إلى أوباما في مايو 1964، كتب يقول إنه في الوقت الذي أنهى أوباما صفوفه الرسمية، فإن دائرة الاقتصاد وكلية الدراسات العليا في الآداب والعلوم ليس لديها المال لدعمه، وبالتالي: “توصلنا إلى الاستنتاج انه يفترض بك أن تنهي وجودك في الولايات المتحدة وتعود إلى كينيا لمواصلة أبحاثك وكتابة أطروحتك”.
وبموازاة ذلك رفضت دائرة الهجرة والتجنيس طلبه لتمديد إقامته في أميركا، فغادر هارفرد، وتطلق من والدة الرئيس أوباما، وعاد إلى موطنه كينيا في يوليو 1964، ولم يكمل أطروحة الدكتوراه.
وتشير الصحيفة إلى أن المذكرات الموجودة في ملف أوباما الأب بدائرة الهجرة والتجنيس كانت قد أعطيت في عام 2009 إلى مراسل صحيفة “بوسطن غلوب” بعد طلب يستند إلى قانون حرية المعلومات الأميركي، وظهرت للعلن للمرة الأولى منذ فترة قصيرة في الصحيفة الأسبوعية “أريزونا إندبندنت”، كما حصلت وكالة “أسوشييتد برس” على نسخ منها.
وفي ردها على تلك المذكرات، أصدرت جامعة هارفرد بيانا قالت فيه إنها لم تتمكن من إيجاد أي شيء من سجلاتها يدعم الرواية في مذكرات الهجرة والتجنيس. ومما جاء في البيان: “فيما لا يمكننا التحقق من رواية المحادثات التي حصلت منذ حوالي 50 عاما تقريبا، فإنه بعد مراجعة ملفاتنا لم تجد الجامعة أي شيء يدعم سواء اللغة أو النية الضمنية الموصوفة من قبل المسؤول الحكومي في الوثائق الحكومية”.
وقالت الجامعة إنه عندما كان أوباما في هارفرد، واجهت تقييدات جدية في تمويل أبحاث طلبة الدراسات العليا من الخارج.
أما المتحدث الرسمي باسم وكالة الأمن الوطني الأميركي، مات تشاندلر، فقد رفض التعليق. واستنادا إلى وثائق دائرة الهجرة والتجنيس، فقد طرح موضوع الحياة الشخصية لأوباما الأب مرات عدة خلال دراسته في الولايات المتحدة. وتقول الصحيفة انه فيما كان طالبا جامعيا في جامعة هاواي، استدعت مستشارة الطلبة الأجانب مسؤولا من الهجرة عام 1961 وقالت له إن أوباما تزوج ستانلي آن دنهام، والدة الرئيس، على الرغم من احتفاظه بزوجة في كينيا.
والمذكرة المكتوبة من قبل المسؤول في دائرة الهجرة والتجنيس في هونولو، نقلت عن المستشارة قولها إن أوباما كان “على علاقة مع عدد كبير من الفتيات منذ وصوله إلى هاواي، وأنها حذرته بشأن طرقه المستهترة الصيف الماضي”. فقال لها أوباما انه طلق زوجته في كينيا.
وكان قد قال الشيء نفسه لوالدة الرئيس، لكنها علمت لاحقا أنه كذب عليها. بعد طرده بلباقة من أميركا عاد أوباما الأب إلى إفريقيا، وتمكن من زيارة ابنه مرة واحدة قبل أن يتوفى بحادث سير في عام 1982، عندما كان الرئيس أوباما في الـ 21 من عمره وطالبا في جامعة كولومبيا.
حياة ضائعة
شكل باراك حسين أوباما الأب شخصية مركزية في مذكرات ابنه الرئيس الأميركي باراك أوباما الصادرة عام 1995 تحت عنوان “أحلام من والدي”، وهو الذي لم يتمكن من رؤيته إلا مرة في حياته.
كان ضمن طلبة كينيين حصلوا على منحة للتعلم في جامعة هاواي. وهناك في ستينات القرن الماضي التقى بستانلي آن دنهام من كنساس، والدة الرئيس الأميركي. تزوجا عام 1961 وتطلقا بعدها بثلاث سنوات، بعد انجابهما الرئيس الأميركي باراك حسين أوباما الذي سمي على اسم والده. ذهب بعدها أوباما الأب إلى جامعة هارفرد وحصل على شهادة ماجستير في الاقتصاد وعاد إلى كينيا عام 1964، حيث تزوج للمرة الثالثة وأنجب ولدين.
بعد عودته إلى كينيا عمل في شركة نفط ثم كخبير اقتصادي في وزارة النقل، قبل أن يترقى إلى محلل اقتصادي أول في وزارة المالية. لكنه كان على خلاف مع الرئيس الكيني جومو كينياتا،فطرد من وظيفته وتدهورت أوضاعه الصحية والمالية. وتوفي بحادث سير في عام 1982.
المصدر: البيان