في هذا العالم الصاخب يبدو أن النوم بات من الأمور المترفة النادرة. فكم مرة سمعت من قريبك أو الذين يقطنون معك في المنزل شكاوى وتذمرا من عدم وجود ساعات كافية في اليوم، ولكن ماذا لو كان الحل لا يتمثل في تنظيم الروتين اليومي لمحاولة والحصول على المزيد من الساعات، بل في تقليص ساعات النوم، أو على الأقل تنظيم فترة النوم؟
* اقتراحات النوم
وإليكم نظرة إلى بعض الأفكار الجريئة لإعادة تنظيم ساعات النوم:
1 – إدارة الأحلام: لقد كانت من أساسيات أفلام الخيال العلمي، مثل فيلم «إنسيبشن Inception» (البداية أو الاستهلال) أن يستيقظ الأفراد ليدركوا أنهم يعيشون داخل أحلامهم. وقد يكون هذا ممكنا طالما لا تمانع في تعريض دماغك إلى تيار كهربائي ضعيف لمرات قليلة في الأسبوع. ففي اختبارات أجريت في ألمانيا وجد الباحثون أن تسليط نبضات كهربائية متدنية المستوى على الفص الجبهي من الدماغ خلال فترة النوم، التي تعرف بدورة حركة العين السريعة (REM)، من شأنها تمكين النائمين اختبار حالة الأحلام الواضحة أو الصافية، أي إحساس الشخص في أن يكون مشتركا فعالا في تلك الأحلام.
وفي أحد السيناريوهات الأساسية، فإن من شأن مثل هذه الأحلام الواضحة تمكين الأشخاص من إدارة أحلامهم في الزمن الحقيقي، فالأشخاص الذين يتعرضون لكوابيس بسبب اضطرابات ما بعد الصدمة، يمكنهم تغيير نتيجة هذه الاختبارات المؤلمة. فبعد حقبات من الزمن الآن قد يكون من الممكن «استهلال» مجموعة من الأحلام التي من شأنها التحايل على دماغك وجعله يفكر بأن سيناريو أحلام واضحة معينة تعود لشخص آخر، هي التي تحصل لك.
2 – تجربة النوم الكاملة: التجربة هذه ليست شعارا لشراء مرتبة فراش جديدة تعد بنوم هانئ. فكر فقط لو كانت مرتبة سريرك موصولة إلى الإنترنت، فقد يكون بإمكانك تنظيم تجربة النوم الكاملة على صعيد تنظيم درجة حرارة الغرفة، ومدى قساوة المرتبة، ومدى ليونة الوسائد وطراوتها، وكمية الضوء التي تنساب إلى الغرفة عبر النوافذ، وبذلك يمكن تكييف الأمور إلى أبعد، عن طريق جعل السرير يوقظك في نهاية دورة من دورات النوم.
وقد تلجأ بعض شركات الفنادق إلى هذا العالم الحقيقي لتستفيد من مثل هذه التقنية وتجذب الزبائن. ففي عام 2011 قامت شركة «ترافلودج» باستخدام أيان بيرسون، الخبير بالمستقبليات، لدراسة مستقبل النوم في الفنادق وأثناء السفر. ويقول بيرسون إنه في عام 2030 سيكون مستقبل النوم الكامل الهانئ ممكنا. فعلى الصعيد النظري ستصل إلى فندفك لتدخل جميع متغيرات نومك في قاعدة بيانات الفندق الخاصة بإدارة النوم، لتحظى بليلة هانئة حيثما كنت في العالم.
* قيلولة الظهر
3 – القيلولة الجيدة: وفقا لدراسات موسعة حول قيلولة الأشخاص، قرر علماء الأعصاب أن النشاط الدماغي ينشط ثانية خلال دورة نموذجية من القيلولة. فقد وجد الباحثون في جامعة «جورجتاون»، أنه خلال مثل هذه القيلولات يقوم النصف الأيمن من الدماغ المسؤول عن التفكير الخلاق، بنشاط كبير، ويقوم ببث المعلومات إلى النصف الأيسر غير النشط من الدماغ المسؤول عن التفكير التحليلي. وكانت النتائج الأولية تشير إلى أن القيلولة الجيدة، أو العالية، قد تجعلنا خلاقين أكثر. وفي مدن مثل نيويورك، وطوكيو، جرت محاولات لتأسيس حجرات صغيرة خاصة بالقيلولة في الشركات، يمكن للعمال والموظفين أخذ قيلولات قصيرة سريعة لا تتجاوز أكثر من 20 دقيقة لإعادة شحن الدماغ. وفي المستقبل يمكن القيام بأكثر من عملية الشحن هذه عن طريق أخذ قيلولات طويلة متفوقة لفتح إمكانيات الدماغ على مصاريعها، والحصول على صورة أوسع للمهارات التفكيرية.
4 – النوم المعدل جينيا: مع قيام علماء البيولوجيا بوضع خريطة للجينات البشرية، فهم ينظرون في علامات وراثية التي ترمز إلى ميول وسلوكيات محددة. وأحد الجينات التي يأملون في تحديد مكانه، هو جين النوم، الجين الافتراضي الموجود داخل خريطة الرموز الخاصة بـ«النوم الخفيف». وثمة جينات محددة مثل CLOCK وBMAL 1 معروف أنها تلعب دورا بارزا في إيقاع الساعة البيولوجية في الجسم البشري. وحاليا يعتقد الباحثون أنهم وجدوا جينا آخر، هو DEC2، الذي قد يكون سر النوم الخفيف، وأي تشوه يصيب هذا الجين من شأنه التأثير بشكل كبير على فترة النوم المطلوبة للجسم البشري.
ويبدو أن العسكريين هم أحد زبائن مثل هذه التقنية الجينية. تصوروا أفراد القوات الخاصة يحصلون على بعض العلاج الجيني الذي يمكنهم من القتال لمدة أيام في ساحات القتال. فهم قد يصبحون جنودا متفوقين إحيائيا قادرين على تنفيذ مهمات من دون معاناة تأثيرات سلبية نتيجة الحرمان من النوم، كالنعاس والخمول، وعدم التركيز، والضياع، والإرباك، وردود الفعل البطيئة.
* ملابس نوم ذكية
5 – أدوية للناقلات العصبية: إحدى الروايات القليلة التي تروى عن علوم الأعصاب هي في كيفية تقدم الباحثين في استنباط أدوية وعقاقير مركبة التي تستهدف ناقلات عصبية محددة في الدماغ البشري. فقد وجد الباحثون على سبيل المثال، أن تناول جرعات منتظمة من أقراص مودافينيل من شأنه أن يساعد على الشفاء من الخدر. إذ يبدو أن العقار هذا يستهدف الناقل العصبي «غابا» الذي هو أهم ناظم في الدماغ للنوم. كما يبدو أنه يؤثر على المواد الكيماوية الأخرى في الدماغ البشري، مثل الغلوتيمات المسؤولة عن إنتاج مستويات عالية من النشاط العصبي.
6 – ملابس نوم (بيجامات) ذكية: نعلم سلفا أن للنوم مهام إصلاحية ترميمية تتعلق بالذاكرة والتقدم بالسن. فعن طريق رصد أنماط النوم قد يمكن تحسين هذه المهام، أو حتى تشخيص بعض الأحوال الطبية أثناء النوم. والخطوة التالية التكرارية ستكون استهداف وتعديل الكثير من هذه المهام عن طريق استخدام آخر ما توصلت إليه تقنيات ارتداء الأجهزة ووضعها على الثياب. يمكن فقط تصور البيجامات الذكية القادرة على رصد أنماط النوم هذه، التي يمكنها قياس العوامل المختلفة، مثل موصلية الجلد للحرارة، وضغط الدم، ومعدل ضربات القلب، وبالتالي الانتفاع من ذلك كله لتشخيص الحالة الطبية من دون الحاجة إلى زيارة عيادة الطبيب.
7 – السبات البشري: كنا نظن أن السبات هو عملية خاصة بالحيوانات فقط لادخار الطاقة وقطع فصل الشتاء الطويل من دون التضور جوعا. بيد أن هنالك بحثا طويلا يعود إلى الأيام الأولى من البرامج الفضائية، يخص إيجاد أساليب لحث رواد الفضاء على شكل من أشكال السبات البشري الطويل.
وللقيام برحلات طويلة ممكنة إلى المريخ على سبيل المثال، تجري «ناسا» تجارب على أسلوب علاجي بخفض حرارة الجسم لتبريده بغية تنويم الشخص فترة طويلة وعميقة خلال الرحلات الفضائية المأهولة. وفي غياب خطط فورية لاستعمار المريخ، فإن التطبيق الفوري لمثل هذه التقنيات التبريدية هو في تعليق بعض النشاطات المحددة لإنجاح بعض الجراحات المعينة، ومعالجة الأحداث المؤلمة المسببة للصدمات الكبيرة. فضحايا جروح الأسلحة النارية، وغيرهم من الذين يعانون من توقف القلب، يمكن إنقاذهم عن طريق إبطاء العمليات في الجسم.
* خدمة «واشنطن بوست»
المصدر: الشرق الأوسط