كاتب إماراتي
ذكرت إحدى المؤسسات أن رقماً مميزاً جداً على غرار «xxxxxxx» أو إذا كنت من مؤيدي تعريب جميع المصطلحات فهو «س س س س س س س»، قد تم بيعه بملايين عدة.. كان أول ما قمت به كأي شخص يعاني الحقد الطبقي هو إرسال رصيد للرقم المذكور بقيمة خمسة دراهم.. نعم.. سيقرأ ذلك الهامور أن صاحب الهاتف رقم كذا وكذا قد أرسل له رصيداً.. هكذا يمكنني أن أنام مطمئناً إلى نوع من العدالة الشاعرية التي حققتُها!
ظاهرة بيع الأرقام ليست سوى جزء من ظاهرة بيع المكانة الاجتماعية.. التي أصبح الجميع يبحث عنها.. بل وأصبح العرب فيها مضرب الأمثال، بعد أن بدأوا بتصدير هذه الثقافة إلى دول العالم كلها.. العربي لا يشعر بالاطمئنان إلا إذا بين للطرف الآخر أنه متميز.. رغم أن ديننا وفي منتصف جزيرتنا يأمرنا بلبس اللبس ذاته المكون من منشفتين غير مخيطتين للتستر بهما وأداء أقدس الشعائر.. نداء السماء ينادي بعدم التميز عن الآخر، ولكن.. يبدو أن الرسالة لم تصل..
الظاهرة اتسعت لتشمل أرقام السيارات و«اللياسن»، و«البن كود»، وموقع الفيلا على الشارع، ونوعية العقال والخياط، وماركة «التواير»، و«براند» الغلاف الخاص بالموبايل.. وإذا نسيت شيئاً معيناً.. ستسمع صوتاً من أقرب المقربين: أخييييتش! ألازلت تستخدم هذا النوع القديم؟ يا لك من رجل قديم! لذا فإن أوسع سوق للماركات التجارية في العالم تصب هنا.. أما أسواق الماركات العالمية التي لا تصب هنا فهي تعتمد على وجود المتسوق العربي المستعد لدفع راتب أربعه أشهر، لكي تظهر ساعة يد أو شنطة سفر، أو «تي شيرت» متميز، في صورته السخيفة على «إنستغرام».. حتى الأولويات مضطربة ياخي عدل ضروسك وسوي ابتسامة هوليوود، بعدين اشتر الكاب بوسبعة آلاف درهم!
كثيراً ما تنتشر أخيراً صور لمسؤولين أو كبار رجال أعمال أو أناس لهم القبول، وهم يرتدون ملابس عادية وأرقامهم عادية ونمط حياتهم عادي.. تبدأ تعليقات حول التواضع والقرب من الناس.. لماذا يرحب المجتمع بهذه التصرفات حين تبدر من المسؤولين، لكنهم لا يطبقونها ويعتبرونها إشارة ضعف حين يكون تطبيقها من عندهم؟!
من جهة أخرى، يبقى السؤال المطروح هو: هل يحتاج الناس لإثبات أنهم يستحقون الاحترام للحصول على هذا الاحترام، أم أن المجتمع يسير باتجاه أن يحصل الجميع على الاحترام كائناً من كان، كي لا أضطر لشراء أو اقتناء ما أستجدي به احترامك؟
** عزيزي العميل: ليس لديك الرصيد الكافي لإرسال المبلغ إلى الهاتف XXXXXXX **
المصدر: الإمارات اليوم
http://www.emaratalyoum.com/opinion/2014-11-27-1.732242