كاتب وإعلامي من دولة الإمارات العربية المتحدة
ليس وحده الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، الذي صدمه بيان الفريق أحمد شفيق الأسبوع الماضي، ولسنا وحدنا الإماراتيين الذين صدمنا هذا البيان، وإنما صدم المصريين أنفسهم. هذا البيان الذي لا يُمكن وصفه إلا بأنه سقطة كبيرة، وانتحار سياسي للفريق، الذي أعلن أنه ينوي الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية المقبلة، رغم أن أبواب الترشح لم تفتح في مصر حتى الآن.
وإذا كان البيان في حد ذاته يُعتبر سقطة، فإن اختيار الفريق شفيق قناة «الجزيرة» المعادية لمصر والمصريين، ما عدا الإخوان المسلمين بطبيعة الحال، يعتبر سقطة أكبر، فقد خانت الحكمة والذكاء، الفريق شفيق، واختار القناة الأسوأ لإذاعة بيانه السيئ، الذي يعبر عن نكرانه للجميل، وغبائه السياسي.
وهو يعلن نيته الترشح لرئاسة مصر، التي يكره شعبها قناة «الجزيرة» القطرية، ويعتبرونها البئر التي تخرج الثعابين من أحشائها لتنفث سمومها، وتنفخ في نار الفتن لتمزيق وحدة صفها، وتنشر الموت والخراب والدمار في أنحائها.
صدمة المصريين ببيان الفريق أحمد شفيق، والقناة التي اختارها لبثه، كانت أكبر من صدمة الدكتور أنور قرقاش وصدمتنا، فالشعب المصري كله مصدوم ومستغرب ومستاء من الفريق أحمد شفيق، بمن فيهم أولئك الذي صوتوا له ضد مرشح الإخوان المسلمين، الدكتور محمد مرسي، في انتخابات الرئاسة المصرية عام 2012.
هذا الاستياء عبّر عنه الكثير من الشخصيات، عبر وسائل الإعلام المصرية المختلفة، منذ أن أعلن الفريق بيانه عبر قناة «الجزيرة» القطرية، واستغربوا جميعاً أن يتجه شفيق إلى قناة معادية للشعب المصري، مؤيدة للإخوان المسلمين، الذين خاض شفيق انتخابات عام 2012 ضد مرشحهم.
إلا إذا كان الفريق شفيق ينوي الترشح للانتخابات المقبلة تحت مظلة الإخوان المسلمين، واعتماداً على أصواتهم، بدعم من قناة «الجزيرة» القطرية، وتمويل ممن يدعم الإخوان المسلمين ويمولهم، وهو بهذا، يكون قد كسب أيضاً تأييد القنوات الإخوانية الأخرى التي تبث من تركيا، وضمن تأييد ومساندة معتز مطر ومحمد ناصر وحمزة زوبع، وكل أبواق الإخوان المسلمين المقيمة في الخارج،.
وتلك المقيمة في قطر، الهاربة من بلدها، منذ انتفاضة الشعب المصري ضد حكم الإخوان المسلمين، وممثلهم الدكتور محمد مرسي، الذي فر الفريق أحمد شفيق من مصر بعد فوزه في الانتخابات عليه، ولجأ إلى دولة الإمارات، التي وفرت له الملاذ الآمن.
واستضافته على مدى السنوات الخمس الماضية وأكرمته، ليكون رده تصديقاً لبيت شاعر العربية الكبير أبي الطيب المتنبي، الذي استشهد به الدكتور أنور قرقاش في تغريدته التي علق بها على بيان الفريق أحمد شفيق، معلناً أنه يستطيع مغادرة دولة الإمارات متى شاء، إلى حيث يشاء.
دولة الإمارات العربية المتحدة، ليست بحاجة إلى أن تدافع عن نفسها، لأن مواقفها تدافع عنها، كما أن درس شفيق وتصرفه، لن يجعلاها تتراجع عن هذه المواقف، لأن دولة الإمارات لا تبحث عن الشكر والثناء، وما فعله شفيق، فعلته قبله دول قدمت دولة الإمارات لها كل العون في أوقات الرخاء والشدة، دون منٍّ أو أذى.
فكان رد هذه الدول جحوداً ونكراناً، عندما تطلب الأمر أن تقف إلى جانب دولة الإمارات في المحافل الدولية، ومع هذا، لم تتخذ دولة الإمارات مواقف عدائية من هذه الدول، ولم تقطع عنها معوناتها، لأن دولة الإمارات، لا تتعامل مع الحكومات التي تتغير، ولا مع الساسة الذين يأتون ويذهبون، يفي بعضهم ويتنكر بعضهم الآخر، بينما الشعوب باقية لا تنكر الجميل، ولا تتنكر لمن يمد يد العون إليها، ويتذكرها في أوقات الرخاء والشدة.
لقد رد المصريون الشرفاء على ادعاءات شفيق عن دولة الإمارات العربية المتحدة، كأحسن ما يكون الرد، حتى أولئك الذين ناصروا شفيق وصوتوا له في انتخابات عام 2012، ندموا لأنهم فعلوا ذلك، واعترف بعضهم بأنه لم يصوت لشفيق حباً فيه، إنما خوفاً من أن ينتصر منافسه الدكتور محمد مرسي في انتخابات الإعادة وقتها، ورغم هذا، لم يتخلوا عنه، ودافعوا عنه.
لكنهم اليوم عبروا عن ندمهم، لأنه خيب ظنهم، وجعلهم يقفون حائرين أمام بيانه العجيب، غير مصدقين أن من وقفوا معه يتنكر لمن أكرمه، ولا مستوعبين أن من خاض انتخابات عام 2012 ضد الإخوان المسلمين، يدلي ببيانه الغريب من خلال قناة الإخوان الأولى، عدوة مصر الأولى، التي لا توفر جهداً في مهاجمة دولة الإمارات ومصر، وتشويه صورتهما من خلال الأكاذيب التي تلفقها، والتقارير التي تفبركها، والأخبار التي تؤلفها.
عزيزي الفريق شفيق…
أتمنى أن تكون قد تابعت القنوات الفضائية المصرية التي تبث من داخل مصر، منذ أن ألقيت بيانك من خلال قناة «الجزيرة» القطرية، لتعرف كم خسرت من الذين صوتوا لك في انتخابات عام 2012، والذين تعاطفوا معك.
أتمنى أن تكون قد تابعت القنوات الفضائية الإخوانية التي تبث من خارج مصر، لتعرف كم أنك لم تكسب صوت أحد منهم، بل أصبحت مدعاة للسخرية والشماتة والتشفي، بعد أن تنكرت للبلد الذي أكرمك، وعضضت اليد التي امتد إليك لتنقذك، عندما كنت خائفاً طريداً خارج وطنك.
دولة الإمارات لم تخسر شيئاً بتنكّرك لها وتجنّيك عليها، بل كسبت احترام الجميع، أما أنت، فقد خسرت الكثير، وأهم ما خسرته، هو احترام أنصارك وأعدائك معاً لك. أما قناة «الجزيرة»، التي لجأت إليها لتبث منها بيانك، فقد سبقك إليها الإخوان، فلم يفلحوا، ولا نظنّك ستفلح أيضاً.
عزيزي الفريق شفيق.. أنت تستحق الشفقة.
المصدر: البيان