ضابط في شرطة دبي برتبة مقدم ، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعة سالفورد بالمملكة المتحدة في إدارة التغيير وعلى درجة الماجستير في الإدارة العامة (MPA) من جامعة ولاية أوريجون بالولايات المتحدة الأمريكية، مهتم في مجال الجودة والتميز المؤسسي ، يعمل حالياً مديراً لمركز أبحاث التميز بالإدارة العامة للجودة الشاملة بشرطة دبي
غالباً ما يبدو الأمر مستحيلاً إلى أن يتحقق – نيلسون مانديلا
الزمان: ستينات القرن الماضي
المكان: مدينة كراتشي – باكستان
كان «حجّي محمد علي» عاملاً بإحدى شركات البناء، في منطقة مشهورة بالجامعات والمعاهد التعليمية، و كان حينما يحين موعد الغداء في وقت الظهيرة يجمع بعض النقود من زملائه ليذهب هو بنفسه ويشتري أكلاً لهم، ودارت الأيام على هذا المنوال، ثمّ قدّر الله ذات يوم بينما كان يحمل الطعام لزملائه في طريقه للشركة أنْ تقابلَ مع مجموعة من الطلبة كانوا على عجلة من أمرهم ليلحقوا بالفصل، فطلبوا منه أن يبيعهم الأكل لضيق وقتهم فلبّى رغبتهم وباعهم الطعام، ثمّ عاد أدراجه إلى السوق واشترى لزملائه غداءً كالمعتاد.
انقضى نهار ذلك اليوم المختلف عن الروتين المعتاد، وأتى الليل بظلامه و هدوئه، وهناك في البيت راحت الأفكار تتجاذبه ثمّ بزغت «الفكرة»: لماذا لا أبدأ بإقامة مشروع خاص بي، ولماذا هذا التعلق و الاستمرار بعمل مجهد وأجر بسيط ؟! وهكذا شرع بطرح الفكرة ومناقشة جوانبها مع والديه وإخوانه، فلم ينكرها أحد منهم بل لقيت قبولاً وموافقة من الجميع، وهبّوا لمساعدته في التخطيط والتطبيق، وأجمعوا على أن تتولّى والدته الطبخ ويقوم حجي محمد بعملية البيع، ولم تمض ِسوى أسابيع حتى رأى الناس في سوق سدار المشهور بكراتشي كشكاً بدائياً تحت اسم «مقهى الطلاب» ليكون أولى خطواته نحو تحقيق حلمه.
وبمرور الأيام والأشهر ومع تزايد أعداد الطلبة الراغبين في طبخه الشهي وخصوصاً وجبة «البرياني» قرر الحالم حجي محمد تغيير اسم الكشك إلى «Student Biryani» في خطوة ذكية تلتها مثابرة مستمرة ساعدت على انتشاره في جميع أنحاء باكستان خصوصاً بين الطلبة. ها هو ذا اليوم مطعم حجي محمد قد ازدهر وتوسع وافتتح فروعاً عندنا في أبوظبي ودبي والشارقة، وفي دول الخليج أيضاً حتى وصل إلى أمريكا وقريباً في كندا وأوروبا ليحققَ حلماً بدأ صغيراً في سنة 1969.
في المقابل يعرف أهل الشارقة مطعماً صغيراً اشتهر ببيع الفلافل منذ أكثر من 30 عاماً «فلافل أبو الخير»، افتتحه صاحبه في منطقة الشرق القديمة، وبعد تجديد المنطقة انتقل إلى منطقة الناصرية بجانب مستشفى زليخة، وظلَّ يمارس عمله الروتيني المعتاد يوميا طوال هذه السنوات، يفتح محله عصراً ويغلقه عشاء ولا يبيع سوى الفلافل. ثلاثون سنة دون تمدّد علماً أن فلافله مرغوبة وشهية وأنا شخصيا أشتري من فلافل «أبو الخير» أسبوعياً، ولكن هناك سؤال كان يراودني دائماً: بماذا اختلف صاحب «ستيودنت برياني» عن صاحب «فلافل أبو الخير» ؟
الجواب باختصار: طموح واسع سبقه عمل شاق
المصدر: الخليج