كاتب إماراتي
إذا قام أحد ما في أي وسيلة إعلامية أو اجتماعية باقتراح أن تسلم الحكومة راتب الشهر المقبل قبل العيد فلا تنتظروا الخيارات المتاحة أمامكم، وخذوا المبادرة مباشرة إما بالتعرض لصاحب الاقتراح في الشارع و(تهذيب) أخلاقه بالعقال على طريقة (جاكي-شان-الجمارك) الشهيرة، أو بقتله وسحله على طريقة (مصر قبل الثورة التصحيحية)، أو بإقناع عائلته بالحجر على أمواله وتصرفاته من باب أنه (سفيه)! مازلنا نذكر المأساة التي مررنا بها في العام الماضي عند تسلم راتبين قبل العيد، عشنا أياماً جميلة في العيد وامتلأت صفحات (فيس بوك) بصور لأبله يمسك في يده وردة في سويسرا وآخر يحمل بيده حفنة من الثلج في كندا، وآخر يمسك بـ(اللهم إني صائم) في بتايا.. وامتلأ (تويتر) بتعليقات على غرار (أستودعكم الله.. لندن تايم)..
(قولوا مبروك أخيراً غيرت تواير الموتر).. (الحمد لله تعاقدت على بناء الطابق الثاني).. كما امتلأ (انستغرام) بالصور الجميلة للمأكولات الراقية من كل العالم مع العبارات اللزجة التي يعرفها (المراكبية) جيداً على غرار: تفضلوا.. اقتربوا.. يبيبيتوتوم.. إن لم أكن مخطئاً في (السبيلينج) الخاص بهذه الأخيرة.. كانت الصورة وردية جداً، وبدا أن الجميع سعداء والمجتمع يكاد يعانق بعضه بعضاً لفرط السعادة.. إلا أن لحظة الحقيقة حانت بعد أسبوعين.. أسبوعين فقط.. امتلأ (فيس بوك) هذه المرة بصورة للأبله ذاته وهو يضع طفلتيه الجميلتين على حجره وتعليق تحتها بالأحمر: تبرعوا لفك محنة أخيكم بوغلوم المسجون على ذمة شيكات مرتجعة.. وفي صفحة أخرى صورة تعبيرية وضعها صاحب الثلج لعين تدمع من وراء أسلاك شائكة مع تعليق (اللهم فرج همي وحقق أحلامي)، أما صاحبنا راعي بتايا فوضع صورة لصحراء الربع الخالي وهو يقول بكل إيمان: اللهم لا تحجني إلى أحد سواك.. يا واد يا مؤمن.. سوادي كب! إذا قرأت لكم بعض ما نشر في بقية مواقع التواصل فستبكون.. أما (انستغرام) فقد اكتفى الناس في تلك الفترة بوضع صور (الرطب) و(الهمبا) بدلاً من الوجبات التي تحمل أسماء على غرار شوكولاتة (سويسي لكتوز) أو حلوى (جوفيان مالاكو).. لذا نصيحتي أننا (مازلنا فيها).. والوقت لم يفت بعد.. فشكراً لأصحاب النوايا الطيبة، لا نريد رواتب مقدمة.. واعفونا من أن ينظر كوتي في دفتر المديونية كلما طلبت منه شيئاً وهو يقول: أرباب حساب يجي زيادة.. ومن نظرات حسني كلما طلبت منه تبديل رأس الشيشة وهو يقول: إيه الحكاية؟ هي ناشفة الشهر ده؟! حسابك زاد يا معلم.. واعفوني من أن أقول تلك الكلمة الحارقة: سجل ع الحساب!
المصدر: الإمارات اليوم