كاتب إماراتي
ببابك لن أغادره، ولن أسعى إلى غيرك، سأنسج بالرضا ثوبي وأشهد أنني عبدك!
في ما ترويه العرب قصة عن عائلة خرج عائلها وبقيت العائلة دون معيل، وبلغ منهم الفقر والجوع مبلغه فكان أن زارهم أمير البلاد مصادفة، ولما رأى حالهم ألقى في منزلهم كيس الذهب الذي يحمله، وقال لأتباعه من كان يحبني فليوافقني (يفعل مثلي)، فرمى جميع من معه ما كان معهم من أموال وجنود في بيت الفقراء، فبكت ابنة للعائلة، فسألتها أمها عن سبب بكائها، رغم أن الله وسع عليهم من بعد ضيق، فقالت الابنة: إن مخلوقاً نظر إلينا فاغتنينا، فكيف لو نظر الخالق إلينا؟!
تستدعي الذاكرة هذه القصة، ونحن نرى تلك الغيمة التي ظللت الإمارات دون موعد، حين جاءت نظرة الرحمة، كل هذه السعادة الربانية التي سقت مجتمعنا ثلاثة أيام كاملة، تغيرت فيها نفسيات الجميع، واغتسلت البلاد من أدرانها، ونسي الناس مؤقتاً قبيح القول والفعل في بعضهم، وخرجوا إلى الفيافي معاً، أمر من ملك الملوك لسحابة غيرت اتجاهها نحو صحارينا، فأعادت إلينا حياة لم نكن نحلم بأن نعيشها قبل ثمانية أو تسعة أشهر من الآن!
أخرجت السحابة ما لديها، لتقول إن السعادة ممن خلق القلوب التي تحتويها، سعادة قد تكمن في هذه النافذة الربانية والأمطار البسيطة التي فتحت في اليومين الماضيين، سعادة في قبلة طفلة صغيرة، سعادة في زهرة حب جديدة تنبت في القلب أو على الأرض سيان.
إذا كتب الله لسحابة الخير التي ظللتنا أن تطول إلى نهاية هذا الأسبوع، ولا تكون «كسحابة ممحلي وومحلك». فتذكر كلما نظرت إليها أو كلما بللتك قطراتها، أو كلما أظلت أراضيك أن سعادتك ليست ملكاً لأحد، وليست مرتبطة بأحد، حاول أن تدندن بصوتك المشروخ:
خلقت طليقاً كطيف النسيم.. وحراً كنور الضحى في سماه.. تغرد كالطير اين اندفعت.. وتشدو بما شاء وحي الإله.. كذا صاغك الله في ذا الوجود.. وألقتك في الكون هذي الحياة.. فمالك ترضى بذل القيود؟ وتحني لمن كبلوك الجباه؟ أتخشى نشيد السماء الجميل؟ أترهب نور الفضا في ضحاك؟ ألا انهض وسر في سبيل الحياة.. فمن نام لم تنتظره الحياة!
ولن أسعى إلى غيرك ..!
المصدر: الامارات اليوم