كاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية
وظيفة الدولة أن توفر «السعادة» لمواطنيها، أتمنى أن يُجعل هذا ضمن دساتير الدول العربية التي يُعاد تأسيسها الآن في زمن ما بعد «الربيع العربي»، ولتحقيق ذلك يجب أن تضع الدولة الشاب أو الشابة في أول سلم السعادة، بعدما تُعلِّمه التعليم الجيد.
وأول هذا السلم هو مساعدته في تملك منزل، لا هبة ولا منحة وإنما بالتقسيط طويل المدى، يدفع أقساطه من راتبه الذي يحصل عليه بعدما يتحقق له الشرط الثاني في سلم السعادة، وهو الوظيفة، ثم يصطحب زوجته إلى متجر مبدع للمفروشات، ليؤسّسا عش الزوجية بفرش أنيق يتوافق مع قدرتهما المالية وبالتدرج.
ليس من الضروري أن يكون البيت واسعاً، ولا الوظيفة رفيعة، إنهما البداية، مثل مرحلة التعليم التي مرّا بها، خلال تلك المرحلة يُتقن ويتدرب الشاب أو الشابة على مهارات العمل، والانضباط، وفن التعامل مع الآخرين، من المدير الثقيل إلى الزميل الطموح الذي لا يتورع عن التسلق على ظهور الآخرين، إنها الحياة الحقيقية كما ينبغي أن يتعلماها، أما الشقّة فهي أيضاً بداية السلم العقاري الذي يجب على الدولة العاقلة التنموية أن تساعد أبناءها على اعتلاء أولى درجاته، بمختلف المحفزات، مثل إنشاء بنك إسكان يوفر قروضاً بفوائد منخفضة أو أن تتحمل الدولة إن كانت غنية الدفعة الأولى فور ما يحصل أحد الزوجين على وظيفة، إنه ليس «البيت الحلم» وإنما مجرد عش يأوي زوجين يريدان السعادة، يطمئنان أن ثمة سقفاً يستظلان به، فينطلقان بطموحاتهما للعمل والجهد، وأسرة صغيرة في الوقت المناسب، حتى يصلا إلى بيت أحلامهما الواسع الفاخر ذي المسبح وغرف الاستقبال المتعددة.
القسط الشهري يُلزمهما بالتعامل بجدّية مع الوظيفة والحفاظ عليها، قد تقرر الشريكة أن تتفرغ للبيت والأسرة إذا ماتسارعت خطى الزوج نحو النجاح وقد تختار العمل، كل الاختيارات يجب أن تكون متاحة في بيئة العمل والحياة في الدولة التي تجعل من السعادة مبدأً دستورياً .
من هناك، من تلك الوظيفة الصغيرة، والشقة ذات الغرفتين، يعتليان عتبَة أعلى أو أكثر في سلم النجاح، يبيعان البيت وينتقلان إلى بيت أكبر ثم أكبر، ووظيفة أحسن، هناك بنك الإسكان يوفر لهما النصح والتمويل اللازم، سيكونان حريصين على أن تكون بيئة سكنهما جيدة حتى يحافظ بيتهما على سعره فتزيد قيمته، ما أقوله ليس «يوتوبيا» ومجرد أحلام، إنه نظـام حـيـاة تـعـيـشـه الدول المـتـطـورة، وأبــنـــاؤنـــا يـستحقون أيـضـاً أن يـعـيـشـوا بــجــهـدهــم وعــرقــهـم، لا بــمـنـحة أو ضربة حظ، أو فضل من أحد.
المصدر: مجلة روتانا