كاتبة سعودية
هناك فجوة كبيرة، بحجم ما يخلفه نيزك ملتهب سقط على الأرض، بين الوعي والعاطفة عند تلك الفئات النسوية المندفعة للتطرف.
وخيوط التورط في إحداث تلك الفجوة سيمكن من الوصول إلى أولياتها وأهمها.
كانت فترات المد الصحوي الفكري في السعودية تسعى بعمد وقصد إلى سلخ العلاقة الجلدية اللحمية المرتبطة بين الوعي والعاطفة لدى المرأة.
سلخ الوعي بما يمتلك من أدوات التفكير النقدي الفطري للدلائل والأحداث سيسبب له وفاة دماغية ومن ثم ستعمل العاطفة بشكل ميكانيكي ميت تماما مثل الإنسان الحي والمتوفى دماغيا في الوقت نفسه: حياة كاملة بغياب وعي كامل.
ولملء الترف النسوي العاطفي بحاجته المكمله تم تسويق وتزيين هيئة وسلوك الرجل الصحوي بأنها المثالية الأترف في العالم الرجولي وما دونها الفسق المهلك.
على سبيل المثال كنا نسمع ونقرأ في كتيبات الفترة التي ساد فيها الفكر الصحوي عن جماليات الرجال، فمثلا مما كتب في أحد الكتيبات «زينت وسائل الإعلام للفتاة فارس أحلام هابط، وقدمته على أنه الرجل المنتظر والزوج الحبيب، زينته بسيجارته في يده وسحب من الدخان تملأ حياته، وصوت الموسيقى يصدح بين جوانحه!! حتى إذا قام إليها من أطاع الله ورسوله وبدت ملامح الخير على وجهه عصت الفتاة الله ورسوله وردت الشاب حزينا.
لم تقبل به لتمسكه بالإسلام! من ترضون دينه وخلقه يعود منكسر النفس حائر السؤال، لا يعلم لماذا يرد وهو الرجل العفيف النزيه الذي يسمع الأذان فيهرع مجيبا النداء.
ولكنه عند المرأة الاسفنجية يرد ولا يُنكح، لأن ثوبه قصير ولحيته طويلة!».
استمرار التعبئة والحقن والتشبيع بهذه الصورة وتبذيخها في الوعي النسوي أدى بالضرورة إلى تخلق رغبات كامنة عاطفية في الحصول على هذا «الحجر الكريم» من بين سائر النفائس البشرية.
لا أبالغ عندما أقول إن مئات السعوديات أعجبن بأسامة بن لادن زعيم القاعدة لحظة تلقي نبأ تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001م، ولا أبالغ وقتها حينما كنت أدرس في كليات البنات، بالقول إن بورصة عشق المجاهدين قد سجلت أرقاما قياسية في مجرد الرغبات والإعجاب النسائي فنشطت جهود المحاضرات الدينية في مسجد الكلية وفرضت بشكل شبه كلي كتغذية روحية يتردد إيقاع وصدى ميكرفون المصلى في أرجاء البنايات والساحات.
بل لا ينكر من يقرأ/تقرأ هذه المقالة حجم الصيت والانتشار الذي حظي به المقاتل السعودي المكنى «خطاب» في الشيشان بعد ثورة أحداث الحادي عشر من سبتمبر وظهور تنظيم القاعدة وحركة طالبان في وسائل الإعلام.
ومن تخرج من عباءة النفاق ستواجه المصير المحتوم: ثبوت تهمة المرأة المتحررة التي ترسمها في المخيلة محاضرات الصحوة وتحذر دائما من شبهة الوقوع في نهجها الذي لا ينتهي وصفه إلا بإقرانه باستدلال فقهي أو قول مأثور يتم تأويله ليناسب التشويه المفتعل في دعاية التحرير.
عن أي معالجة فكرية نود طرح تفاصيلها على طاولة الحوار إذا؟!
المصدر: مكة أون لاين