كاتب إماراتي
عندما كنا طلبة في المدارس كان من الطبيعي جداً أن يكون معنا العديد من الطلبة المهملين في الدراسة، كانت تنهال عليهم التعليقات من المعلمين باعتبارهم فاشلين لا أمل لهم في النجاح والتفوق، مع أنّ بعضهم لم يكن ينقصهم الذكاء بقدر ما كانوا مهملين وغير مجتهدين.
كنت أعتقد أن الطالب المتخلف دراسياً محدود القدرات، وسيكون عبئاً على نفسه وأهله والمجتمع في ما بعد، توهمت ــ وللأسف هذا ما تم زرعه في عقولنا ــ أن نتائج المدرسة تعبر عن نجاح الشخص، من يحصل على الدرجات العالية سيكون الأفضل والأميز، بينما الفاشل دراسياً لا فائدة منه على الإطلاق.
كثيراً ممن كنت أحسبهم «فاشلين» وجدت أنهم في مرحلة لاحقة تحولوا إلى نموذج للإبداع والتميز، أشاهد صورهم في الصحف، يتقلدون المناصب، بارعون في ما يقومون به، قياديون يديرون هيئات حكومية وشبه حكومية مشهوداً لها بالكفاءة.
معالي وزير التعليم العالي شاب يرى المستقبل ويدرك هذه الحقيقة عندما قرر بالتعاون مع الجهات المختلفة طرح برنامج الإنجاز المهني الذي يهدف إلى تمكين الطلبة المتدنية نتائجهم من الالتحاق بالجامعات والكليات الحكومية، فنتائج الثانوية العامة قد لا تكون مقياساً حقيقياً لذكاء الطالب، تتدخل ظروف في بعض الأحيان فتعيق الطالب عن تحقيق النتائج المرضية، وبالتالي يحصل على نسبة متدنية تعيقه عن الالتحاق بالجامعات والكليات الحكومية، كما أن ظروفه المادية قد تمنعه من الالتحاق بالجامعات الخاصة.
مثل هذا القرار يثلج الصدر ويدخل البهجة في نفوس الطلبة وأولياء الأمور على حد سواء، ويعني أن وزارة التعليم العالي بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم وضعت يدها على الحل المناسب الذي قد يغير حياة الكثير من الطلبة الذين قد تظهر إبداعاتهم بمرور الوقت.
هناك الكثير من الأشخاص يحتاجون إلى فرص عدة لإثبات أنفسهم، الفشل مرة واحدة ومرتين ليس دليلاً على فشل الشخص، بل الفاشل من يستنفد جميع الفرص التي أعطيت له، ويصر على أن يثبت للجميع أنه إنسان فاشل مع سبق الإصرار والترصد. يقول الشاعر الإيطالي فرانشيسكو بتراركا: «سقوط الإنسان ليس فشلاً، ولكن الفشل أن يبقى حيث سقط».
المصدر: الإمارات اليوم