سلطان الجابر: الإمارات رسخت مكانتها الرائدة عالمياً عبر بناء شراكات إستراتيجية لخلق مستقبل أفضل للبشرية
أخبار
وام: أكد الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ “أدنوك” ومجموعة شركاتها، رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لشركة “XRG”، أن دولة الإمارات، وبفضل رؤية القيادة الرشيدة، نجحت في ترسيخ مكانتها الرائدة عالمياً عبر نهج تعزيز التعاون الدولي وبناء شراكات إستراتيجية تسهم في خلق مستقبل أفضل للبشرية، خاصة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة.
وأشار الجابر إلى ضرورة تضافر جهود قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والتمويل والسياسات بكفاءة وفعالية للاستفادة من الفرص الاستثمارية المهمة والاستثنائية التي يتيحها الذكاء الاصطناعي.
جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في الدورة التاسعة من “منتدى الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي”، المُنعقدة في العاصمة الأميركية واشنطن، بحضور عدد من أبرز المسؤولين السياسيين وقيادات قطاع الطاقة.
وقال الجابر، إن الذكاء الاصطناعي يشكل المرحلة التالية من التطور البشري، مؤكداً أن تلبية متطلباته تستلزم نقلة نوعية في سياسات واستثمارات قطاع الطاقة وبنيتها التحتية، وأن التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي يتجاوز تطوير برمجياته وأكواده ويعتمد على توفير الطاقة التي يحتاج إليها، لافتا إلى أن كل تقدم تشهده حلول وأدوات الذكاء الاصطناعي يتطلب استهلاك المزيد من الطاقة، وأن منظومة الطاقة العالمية غير جاهزة لذلك في التوقيت الحالي، وأن الولايات المتحدة الأمريكية تحتاج إلى إمدادات كهرباء جديدة تقدر بما يتراوح بين 50 إلى 150 غيغاواط بحلول عام 2030 وبحسب مصدر الطاقة المستخدم لتوليدها، وهو ما يعادل إجمالي استهلاك عشرات المدن الكبرى.
وأشار إلى خريطة الطريق الشاملة للتعامل مع هذا التحدي، والتي تم وضعها بالشراكة بين “XRG” و”MGX” و”المجلس الأطلسي” وتضمنت توصيات بتسريع إصدار التراخيص، وتحديث الشبكات، وتنفيذ استثمارات إستراتيجية في الغاز والطاقة النووية ومصادر الطاقة المتجددة، مؤكِّداً أن تطوير وتشغيل تكنولوجيا المستقبل لا يمكن أن يتم بالاعتماد على شبكات الكهرباء القديمة.
وأضاف أن تأخر إصدار التراخيص اللازمة وتحديات سلاسل التوريد تعيق الوصول إلى النتائج المطلوبة في هذا المجال، لافتاً إلى ضرورة تطوير سياسات داعمة للتقدم، وأهمية الاستفادة من الفرص الكبيرة المتاحة من خلال تبني نهج الشراكة، موضحاً أن اتباع هذا النهج أسهم في تعزيز العلاقة القوية والشاملة التي تربط دولة الإمارات بالولايات المتحدة عبر القطاعات المختلفة.
وقال: “الولايات المتحدة هي ضمن أولوياتنا وتشكل بالنسبة لنا وجهةَ استثمارٍ أساسية، وتُعد الشركات الأميركية من أكبر شركاء الامتيازات النفطية في دولة الإمارات، حيث تستثمر بشكل فعال في الاستكشاف والتطوير والإنتاج، وأيضاً في التكرير والتصنيع والتسويق. كما تتعاون شركات إماراتية مع الشركات الأميركية في 18 ولاية عبر 50 منشأة، في مختلف مجالات الطاقة بدءاً من الغاز والكيماويات، وصولاً إلى البنية التحتية لقطاع الطاقة وحلولها”.
وأردف: “أن “شركة “XRG” ، شريك أساسي في أكبر منشأة للغاز الطبيعي المسال في تكساس، وذلك من خلال قيامها بإنتاج الكيماويات المتخصصة في أنحاء الولايات المتحدة، كما ارتفعت السعة التشغيلية لشركة أبوظبي للطاقة المتجددة “مصدر” إلى 5.5 غيغاواط في مختلف الأراضي الأميركية، وهذه هي البداية فقط، ولمزيد من المساهمة في تحقيق طموحنا، افتتحنا مؤخراً مكتباً مشتركاً لكلٍ من “XRG” و”مصدر” في العاصمة واشنطن”.
وأوضح أن أي مركز بيانات جديد يمكن أن يستهلك نفس كمية الكهرباء التي تستهلكها مدينة بحجم بيتسبرغ، وأن تلبية هذا الطلب تُمثِّل تحدياً تقنياً، وكذلك فرصةً استثمارية مهمّة واستثنائية تتطلب تحقيق نقلة نوعية شاملة تتضافر فيها جهود قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والتمويل والسياسات، وتعمل معاً بشكل متناغمٍ وفعال.
ولفت إلى أن تلبية احتياجات مراكز البيانات العملاقة تتطلب زيادة إمدادات الطاقة بشكل كبير، والاستفادة من مصادر الطاقة الموثوقة مثل الغاز والطاقة النووية لتأمين الحمل الأساسي، وكذلك من الطاقة المتجددة المدعومة بالإمكانيات اللازمة لتخزينها.
ونوه إلى أهمية تحقيق تقدم جوهري في التقنيات الجديدة مثل “المفاعلات المعيارية الصغيرة”، و”الطاقة الاندماجية”، كما دعا إلى تبنّي نهج واقعي وعملي، يشمل وقف الإغلاق المبكر لمحطات الطاقة الحالية، بالتزامن مع إعادة تفعيل الطاقة النووية.
وشدد على الحاجة العاجلة لتطوير منظومة شبكات الكهرباء، في ضوء احتمالية تجاوز وقت الانتظار لتسليم بعض المكوّنات الرئيسية للشبكات، مثل المحوِّلات، ثلاث سنوات، موضحاً أن سبب هذا التأخير لا يقتصر على سلاسل التوريد، بل هو من التحديات الأساسية للنمو الصناعي. وأن الاستفادة من فرص تطوير شبكات الكهرباء يتطلب تسريع عمليات إصدار التراخيص، وتأهيل القوى العاملة، وخفض مخاطر رؤوس الأموال.
وأضاف الدكتور سلطان الجابر: “يعمل قطاع التكنولوجيا وفق أطر زمنية ربع سنوية، بينما يعمل قطاع الطاقة وفق أطر تمتد لعقودٍ من الزمن. وعلينا معالجة هذه الفجوة من خلال خفض مخاطر الاستثمارات الرأسمالية الكبيرة، وتطوير سياسات تدعم التقدم ولا تؤخره. وفي الوقت الحالي، هناك سعة إنتاجية مخططة للكهرباء في أنحاء العالم تبلغ 2600 غيغاواط تحتاج إلى توصيلها بالشبكات، وعلينا إزالة المعوقات أمام تنفيذ هذا التوسع”.
وأشار إلى أن توليد الكهرباء هو جانب واحد من جوانب المعادلة، حيث إن توصيلها إلى المستخدم النهائي يُضيف مستوىً آخر من التعقيد، مؤكداً على ضرورة تدريب مليون فني كهربائي مطلوبين لتشغيل شبكات الكهرباء في القرن الحادي والعشرين، وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي للإسهام في رفع كفاءة إدارة أنظمة الطاقة.
وتطرق إلى الوضع الحالي في المنطقة وتأثيره على السِلم الإقليمي وأمن الطاقة، وأكد أن دولة الإمارات ستظل دائماً من الداعمين للحوار والحلول الدبلوماسية لفض النزاعات وخفض التصعيد، ودعا الأطراف كافة إلى ضبط النفس واحترام سيادة الدول والالتزام بالقانون الدولي.
وفي ختام كلمته، دعا الدكتور سلطان الجابر، إلى تعزيز مجالات التعاون للاستفادة من أدوات وحلول الذكاء الاصطناعي والفرص الاقتصادية الواعدة التي يوفرها. وقال إن “الاستفادة القصوى من كامل إمكانيات الذكاء الاصطناعي تتطلب توفير إمدادات الكهرباء اللازمة له، وهذا يبدأ عبر إعداد خريطة طريق متكاملة، يُمكن تطبيق خطواتها على المستوى المحلي وتوسيع نطاق انتشارها عالمياً. كما نحتاج إلى وضع سياسات داعمة، وتطوير بنية تحتية تُلائم الأحمال المطلوبة، وتنفيذ استثماراتٍ تواكب متطلبات المرحلة الحالية”.
وأضاف معاليه أن الذكاء الاصطناعي والطاقة توأمان يسهمان في تقدم البشرية، ومحركان يدفعان العجلة في اتجاه واحد لتسريع الانطلاق نحو المستقبل.