أكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، أن المسرح مدرسة للفضيلة والأخلاق، ومن الأمانة المحافظة عليه، ووصفه بأنه رسالة لابد من الاهتمام بكيفية توصيلها، ولمن نرسلها، وما هو محتواها.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها سموه في حفل ختام مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي في دورته الثانية الذي أقيم، مساء أمس، في قصر الثقافة بالشارقة.
واستهل سموه كلمته بالترحيب بضيوف المسرح في إمارة الشارقة حاضنة الثقافة والأدب، وقال: «إني سعيد بتواجد جمعكم الكريم في الشارقة، وسعادتي أيضاً نابعة من إحساسي بنجاح لقائكم المسرحي الذي شعرت بحرارة حواراته، وعمق رغباتكم في تطوير وتثمين وتنمية القدرات المسرحية الخليجية، ما أثلج صدري، وحفزني لمكاشفة ضرورية معكم حول الشأن الخليجي في ما يخص التجربة المسرحية».
وأوضح سموه دور الهيئة العربية للمسرح وقال: «أسست الهيئة العربية للمسرح لتكون رابطة عربية للمسرحيين، يلتفون حولها، ويلتقون بالمهرجانات التي تنظمها سنوياً في بلد عربي، فتجدّدت اللقاءات ونضجت التجارب.. المهرجان التاسع انعقد في الشهر الماضي في الجزائر، وكان ناجحاً ومختلفاً مجوداً وحظي بتقدير الجزائريين».
وقال سموه: «لقد تواشج المهرجان مع مهرجانكم، ومع أيام الشارقة المسرحية، ليبني جسور المسرح العربي، ويحقق بعض الخير للجميع.. انتظروا أيام الشارقة المسرحية في مارس المقبل حيث التطور، بإذن الله، والتجديد والتوسع في النجاح بفضل جهود أهل المسرح الذي نعشق ونلتقي في شغفنا به، فهو أبو الفنون، فلنحافظ عليه بعيداً عن الإسفاف والاستخفاف».
وأشار سموه إلى أنه دعا باستمرار إلى الاهتمام بالمسرح المدرسي لأنه يفرز ثقافة ووعياً مسرحياً، كما ينمي ذائقة المتفرج والاهتمام بمسرح الطفل تربية وتنشئة وسلوكاً ما يعتبر إعداداً لشخصية الطفل المبتكر الموهوب والاهتمام بمسارح الفئوية ومسارح الشباب، ومسارح الفتيات، والمسرح الجامعي، وكلها شحذ لطاقات الموهوبين والموهوبات، وتلمس لحاجات الفئات المجتمعية.
وأضاف صاحب السمو حاكم الشارقة، أن كل ما دعونا إليه يلاحظ في المسرح الخليجي، فإذا وجدنا المسرح المدرسي، أو مسرح الطفل، أو المسرح الجامعي، وجدنا حياة مسرحية عامرة بالمواهب والإبداع، وإذا اختفى المسرح المدرسي، أو الجامعي، أو مسرح الطفل، أو إذا قل الاهتمام بها، قلت حصيلة المسرح ودوره في الحياة الاجتماعية الخليجية، انظروا كم جامعة لدينا في بلدان الخليج.. وتأملوا كم من المنافع نجني لو توافرت أنشطة مسرحية في جامعاتنا.
وقال سموه: «انظروا إلى التعليم العام وأهمية أن تكون فيه مجالات للفنون كافة، من مسرح، وإلقاء، وإذاعة، وفنون جميلة، وعرائس.. الطفولة بهذه الفنون ستتوفر لها مفاتيح الموهبة والقدرات، والخيال، والابتكار، فتتهذب وترقى وترتقي.. لدينا الآن عدد من المهرجانات، لكن على كثرتها تعتبر نشاطاً موسمياً محدوداً، والمأمول من الفرق المسرحية أن تتبنى مع أكثر من جهة في مجتمعها فكرة الموسم المسرحي للكبار والصغار، حتى نرفد الحياة الثقافية بالمزيد من العافية.. وفي الشارقة نجتهد الآن لتحقيق هذه الفكرة التي نجحت في مسرح الطفل، وندعو المسرحيين إلى استمرار نجاحها في موسم الكبار أيضا».
وأرجع سموه مشكلات المسرح الخليجي إلى أن «بعضها يكمن في الفرق نفسها، في تكوينها، وبرامجها، وتمويلها، وبعض المشكلات تبدأ من النص.. النص المحكم البناء الذي يعالج الحاضر، إنه غائب ضعيف، أو مهمل، هناك حديث حول العرض البصري ولكن المسرح فرجة وفكرة، هناك حديث عن موت المؤلف لأجل الاهتمام بالتقنيات والوسائط ولكن هذه قضايا مستوردة، نحن نحتاج أن نهتم بالفعل بالمهنية والحرفية والأداء، وهذا يعني لا التمسك بالشعارات مثل موت المؤلف والميتادرما وغيرها، بل يعني التدريب والتأهيل المستمر للعناصر المسرحية، ويعني تجديد الأشكال الفرجوية، وأماكن العروض، كما فعلنا في الشارقة لجأنا إلى المسرح الصحراوي، والمسرح الكشفي، ومسرح الشارع، ومسرح العرائس، وهذه أشكال تخاطب فئات مجتمعية مختلفة مما يجدد الدم المسرحي».
ولفت سموه إلى أن التلفزيون والمسرح التجاري سرقا العاملين في المسرح، مما أثر في الطبيعية المسرحية لفنون التمثيل والإخراج والتقنيات المسرحية، فأصبح الاستعراض والمبالغة في الأداء، واستجداء ضحك المتفرجين بنوعيات من الأداء تبتعد عن البساطة، والطبيعة السمحة، مما لا بد من مناقشته ومعالجته.
وكانت مجريات الحفل بدأت بكلمة للجنة تحكيم المهرجان ألقاها الدكتور سامر عمران عضو لجنة التحكيم، أشاد فيها بالإمكانات التي وفرها مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي لإخراج هذه الأعمال لترى النور، ما جعلها محط أنظار الجماهير التي توافدت لحضور الأعمال المسرحية.
وقدم عمران مجموعة من التوصيات والملاحظات التي من شأنها الارتقاء بالعروض المقدمة والفرق المسرحية المشاركة في المهرجان خلال الأعوام القادمة، ومنها ضرورة تطوير الفرق والعمل الجماعي وعدم تغليب الشكل على حساب المضمون. (وام)
تكريم الفائزين
تفضل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بتكريم الفائزين بجوائز المهرجان.
وحصدت مسرحية (تشابك) جائزتي أفضل عمل مسرحي متكامل، وأفضل ديكور مسرحي، وهي من تأليف فهد ردة الحارثي، وإخراج أحمد الأحمري، وتقديم فرقة وطن المسرحية من المملكة العربية السعودية، كما فازت بجائزة أفضل مؤثرات صوتية وأفضل إضاءة مسرحية (انعكاسات) من الكويت.
ونال الفنان محمود أبو العباس جائزة أفضل ممثل دور أول عن دوره في مسرحية (غصة عبور) لفرقة مسرح الشارقة الوطني، وفاز بجائزة أفضل ممثل دور ثان الممثل ابراهيم سالم عن دوره في مسرحية (غصة عبور) من مسرح الشارقة الوطني/الإمارات.
ونالت الفنانة بدور جائزة أفضل ممثلة دور أول عن دورها في مسرحية (غصة عبور) تقديم فرقة مسرح الشارقة الوطني، أما أفضل ممثلة دور ثاني ففازت بها روان مهدي عن دورها في مسرحية (انعكاسات).. أما جائزة أفضل تأليف فكانت من نصيب فهد ردة الحارثي من فرقة مسرح وطن من المملكة العربية السعودية عن مسرحية (تشابك).
وفاز الفنان خالد أمين بجائزة أفضل إخراج عن مسرحية (انعكاسات) تقديم فرقة المسرح الشعبي الكويتي.
حضر حفل الختام إلى جانب صاحب السمو حاكم الشارقة، كل من الشيخ سالم بن عبدالرحمن القاسمي، رئيس مكتب سمو الحاكم، وعبدالله محمد العويس رئيس دائرة الثقافة والإعلام، ومحمد عبيد الزعابي رئيس دائرة التشريفات والضيافة، وكوكبة من نخبة نجوم المسرح الخليجي، ومحبي هذا الفن، وأحمد بورحيمة مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة.
المصدر: الخليج