حتى رحيله لم يكن استثنائيا، الوطن بأكمله رجالا ونساء بكافة أطيافهم وتوجهاتهم وكل الذين كان يقاسمهم همومهم وآلامهم، نعوا الإعلامي السعودي سليمان العيسى، إثر إصابته بجلطة في الرئة أرقد على إثرها أحد مستشفيات مدينة جدة، حتى لقي ربه أمس وهو ذات اليوم الذي كان يطل فيه عبر القناة الحكومية الأولى للإعلان عن القرارات أو المراسيم الملكية.
وقال مدير العلاقات العامة في مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة نجيب يماني، في اتصال مع “الوطن”، أن الإعلامي العيسى توفي بعد مغرب أمس في حوالي الساعة 6.30، وكان يرقد في قسم العناية المركزة بالمستشفى لتلقي العلاج، وكان يعاني من مرض القلب كذلك، لافتا إلى أن العيسى أدخل المستشفى منذ نحو شهر ونصف وتوفي البارحة.
“أبو محمد” الذي عرفه الناس من برنامجه الشهير “مع الناس”، عاش حياة حافلة بالعطاء الإعلامي، وعرف بأوساط السعوديين كذلك بـ”المذيع الملكي”، ذلك أن غالبية المراسم الملكية كان يقرؤها بصوته الذي ترك بصمة في آذان جميع السعوديين.
وكان من أكثر الأمور التي تأثر بها السعوديون، غياب العيسى عن تدشين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لأكبر توسعة في تاريخ المسجد النبوي في أعقاب وصوله إلى المملكة قادما من المغرب آنذاك.
ويستحضر نائب مسؤول تحرير صحيفة الشرق الأوسط الإعلامي بدر الخريف في حديث لـ”الوطن” الذكريات التي جمعته بـ”فقيد الوسط الإعلامي” سليمان العيسى، ويقول: “لقد عرفت سليمان العيسى رجلا بسيطا ومتواضعا مع الجميع رغم الإمكانات الكبيرة التي كان يمتلكها”.
ويشير الخريف، إلى فترة عمله في “جريدة الدعوة” والتي كان العيسى مسؤولا عن صفحاتها الرياضية، قبل أن تتحول إلى مجلة، ثم انتقل بعد ذلك للعمل في جريدة الجزيرة في بداية التأسيس، إضافة إلى كتابته للعديد من الزوايا في عدد من الصحف المحلية.
ويوضح الخريف أن الفقيد العيسى كان “رجلا فاضلا” وكسب حب الناس من خلال برنامجه الشهير “مع الناس” والذي كان “النافذة الوحيدة” في ذلك الوقت للتعبير عن المشاكل التي كان يواجهها المواطنون في الدوائر الحكومية، وفي الغالب كان كل الملاحظات التي تسجل يتم حلها من قبل الحكومة.
العيسى، كان حاضرا في عهد جميع الملوك السعوديين تقريبا، غير أن نجمه سطع في عهد الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز، ولقد كان له حضور بارز في حرب الخليج الثانية، من خلال إعطائه للتنبيهات والتحذيرات الواجب اتباعها حال حدوث الخطر.
يعتبر المذيع الراحل سليمان بن محمد العيسى، من أبرز الوجوه الإعلامية، ورواد العمل الإعلامي السعودي، حيث يملك تجربة ثرية في هذا القطاع، وتخصص في تقديم الأخبار الرسمية عبر القنوات السعودية المحلية، وكان برنامجه “مع الناس” وجبة ينتظرها الجميع لطرح مواضيع ومشاكل للمواطنين مع القطاعات الخدمية على مدى 25 عاما، إضافة إلى أن الفقيد كان مذيعا متمكنا في اللغة والصوت، فقد أتحف المشاهدين بتعليقاته الرياضية على الكثير من المباريات.
العيسى، إعلامي مخضرم تخرج من جامعه الرياض كلية “الآداب” وعمل في صحيفة الرياض والبلاد والجزيرة، كما عمل معدا للبرامج الرياضية، ثم عمل في التلفزيون السعودي وقدم البرامج، ونشرات الاخبار، وشارك في النقل الخارجي، وعمل مقدما للاحتفالات الرسمية. وهو عضو الجمعية العمومية لمؤسسة عسير للصحافة والنشر صحيفة الوطن.
والتزم العيسى الذي عمل مستشارا في الديوان الملكي في السنوات الأخيرة بمرافقة البعثات الرسمية السعودية، كما يعتبر الراحل صوت (ميزانيات الخير)، حيث ينقل في كل عام أخبار الميزانية، إضافة لارتباطه بغالبية القرارات الملكية والمبادرات والرحلات التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين منذ كان وليا للعهد، فهو الوجه التلفزيوني الذي يعرفه الصغير والكبير.
المصدر: الوطن اون لاين