رئيس تحرير جريدة الوطن السعودية سابقاً
أكتب هذه الأسطر وأنا أعلم أن أسرا كثيرة تتلقى الآن العزاء في وفاة غرقى لها في السيول التي صاحبت الأمطار الغزيرة التي هطلت في الأيام الماضية على معظم مناطق المملكة.
أكتب وكلي حسرة وألم على هؤلاء المفقودين وأترحم عليهم وأتعاطف مع أسرهم وأعلم أن كل الوطن يأسف على فقدان هذا العدد من أبنائه.
أنا هنا لا أكتب لأحاسب المتوفين، أو لأعاتبهم أو لأزيد من وجع المفجوعين بهم، لكنني ولسنوات طويلة ألحظ أن موت الواحد منا سهل جدا، فضلا عن أن ذات مشهد الموت يتكرر في نفس المواقع وفي نفس الأحداث والمناسبات وبنفس الكيفية، وهذا ما يفترض أن يزعجنا ويدعونا للبحث عن آلية توقف هذا الموت الذي أراه سهلا وما كان يفترض أن يقع، دون أي اعتراض على قدر الله سبحانه وتعالى الذي أمرنا بالأخذ بالأسباب وعدم إلقاء النفس إلى التهلكة.
ليست لدي تفاصيل دقيقة عن سبب الوفيات التي راحت ضحية هذه السيول لكن كل اللقطات المصورة المتداولة والأخبار المكتوبة، والتصريحات الرسمية المعلنة والتحذيرات المتكررة من الجهات الأمنية والإنقاذية تقول إن هناك نسبة كبيرة جدا من سكان المناطق المبتلاة بهذه السيول تتسابق على ملاحقة السيول والعراك معها تارة بتحديها وتارة بالفرجة من قرب عليها ومرات كثيرة بكسر كل التعليمات والتحذيرات إلى أن يقع الفأس في الرأس.
أعود لأقول إنني لا أتحدث عن موتى السيول الأخيرة فقط بل عن كل السيول المشابهة في كل الأعوام السابقة، فهناك موت سهل لأبنائنا مع كل مناسبة وحدث، ولئن كان بعضهم تسبب فيما حدث له فإن هناك جهات حكومية مسؤولة بشكل مباشر عن موت البعض، فالطفل الذي وقع في حفرة مليئة بالمياه لا يخالجني شك في أن البلدية هي المسؤولة عن تلك الحفرة حتى وإن أحدثتها شركة المياه أو مصلحة الصرف أو شركة الكهرباء أو الهاتف أو أي من الجهات التي اعتدنا على عبثها في شوارعنا دون رقيب أو متابع، فالبلديات هي المسؤولة عن تلك الشوارع.
ثم إنه لو أفترضنا أن هناك من الشباب ومن الأسر من لا يستجيب لنداءات وتحذيرات مصلحة الأرصاد والدفاع المدني وغيرها من الجهات فلماذا لا تقوم الجهات المعنية مثل الشرطة والمرور والنقل والبلديات بإغلاق بعض الشوارع والطرق التي تؤدي إلى المناطق الخطرة أو التي تؤدي إلى المناطق المتوقع أن يذهب إليها السكان بهدف الفرجة، ومن ثم يكونون ضحية لما هو متوقع أو غير متوقع عبر السيول القوية والجارفة وعبر بعض المجازفات الشخصية؟
هذا الموت السهل ينبغي إيقافه بسرعة ولو بالقوة من أجل حماية أرواح الناس، وألا يكتفى بالتوعية والتوجيه، ورحم الله موتى الوطن، وألهم أهليهم الصبر والسلوان.
المصدر: الوطن أون لاين