كاتب إماراتي
** كنت قد استأذنت زملائي في الصحيفة للاحتجاب بضعة أيام، أعود فيها إلى خريف سراييفو الحزينة، أراقب بقايا مئذنة قصفها الصرب لا يعرف متى ستسقط، وأشاهد جيلاً أوروبياً جديداً سيكون حلقة وصل مثالية بين حضارتين لا تثق إحداهما بالأخرى، إن تم الاهتمام به بشكل صحيح، وأشتري باقة زهور حمراء أضعها على قبرها!
** لكن خبر القبض على «بوهاف» وتحويله إلى النيابة لا يمكن تفويته بحال من الأحوال! فالموضوع أصبح حديث الشارع في الإمارات، على الرغم من الخبر المقتضب لإعلام شرطة دبي، إلا أن الجموع لاتزال غاضبة، وترغب في معرفة المزيد، ما نوع «البوكسر» الذي كان يرتديه المتهم؟ ما مقاسه؟ هل نزل من سيارته بهذه الصورة، أم أنه استبدل هيئته داخل إحدى كابينات الهاتف على طريقة سوبرمان؟ وبالمناسبة، وعلى ذكر سوبرمان، هل وجد أحد الإجابة عن السؤال الأزلي: لماذا يصر سوبرمان على ارتداء «الهاف» فوق الثياب؟
** قضية «بوهاف» لا يمكن النظر إليها بمعزل عن كل القضايا التي تشغل الوطن في الوضع الحالي، فهي ليست سوى انعكاس لحالة الفهم المعوج لدى البعض لمفهوم الحريات، هذه الحريات التي لا يفهم بعض الناس منها إلا فعل ما يريد، أينما يريد وكيفما يريد، من دون النظر الى بقية الشركاء في الوطن والأمة، فحريتك يا سيدي الفاضل ليست سوى ذلك «الهاف» الذي تستر به عورتك، لكنه لا يكفل لك احترام المجتمع ولا قبوله.
** سؤال أخير غير بريء: لو أن «بوهاف» كان رجلاً عنقليزياً أو عمريكياً أو عيطالياً فهل كان سيتعرض للهجوم الشعبي الكاسح ذاته، أم أن البعض كان سينادي بضرورة تفهم «عاداته وتقاليده»؟
المصدر: الامارات اليوم