التليفزيون السوري يؤكد بالفم المليان أن مؤامرة “كونية” تحاك بالتعاون مع “هوليوود” لإنتاج عمل ضخم تكلفته 36 مليار دولار لتضليل الشعب السوري وإيهامه بأن النظام قد سقط. الاستخبارات الصينية، حسب التليفزيون السوري، هي من كشف عن هذه المؤامرة التي سميت “السقوط المدوي”. والرسالة هنا للشعب السوري تقول يا شعب لا تصدقوا أي شيء يقال إلا ما يقال في إعلام النظام الرسمي. وفوق هذا، حتى ولو خرجت بيانات في “الإعلام السوري الرسمي” تتحدث عن سقوط القصر الجمهوري وغيره من المؤسسات الرسمية فلا تصدقوها، لأن من بنود المؤامرة الكونية إنشاء محطات فضائية نسخة من المحطات السورية. أي أن هوليوود بتمويل خليجي، ستبني دولة افتراضية اسمها سوريا.
أنا لم أستغرب ثانية واحدة أن أسمع مثل هذا الجنون والحماقة والسذاجة في دوائر الإعلام السوري الرسمي. فمنذ بداية الثورة في سوريا كان الإعلام السوري يزعم أن المظاهرات التي تظهرها الجزيرة والعربية من ميادين سورية ليست سوى “مسلسلات” تصور في تركيا وقطر والسعودية لتضليل السوريين وتحريضهم ضد النظام.
الحقيقة أن النظام يتهاوى. وهذه الحماقات من دلائل الانهيار. لم يترك النظام له أصدقاء، لا داخل سوريا ولا خارجها، إلا إذا استثنينا الحرس الثوري في إيران وحزب الله في لبنان. فحتى الروس والصينيون قد يبيعون مواقفهم المعاندة في أي لحظة. تلك هي الحقيقة. ولذلك يلجأ النظام السوري بكل ما أوتي من دجل وغباء لمثل هذه الأكاذيب.
اليوم تتكشف للداخل السوري حقائق جديدة أهمها قرب سقوط النظام. والفئة الصامتة لأنها خائفة بدأت تتحرك. وحتى من داخل الطوائف التي خضعت “لغسيل مخ” حيال علاقاتها القادمة مع أبناء الثورة، بدأت تظهر من داخلها أصوات مهمة تؤيد الثورة وتترقب نهاية الاستبداد. ويا لها من نهاية تلك التي يصرّ على الوصول إليها الطغاة على مر التاريخ. لكن بشاراً -ومن معه- لا يقرأون التاريخ. ولا يدركون إلى أين تسوقهم حماقاتهم وجرائمهم!
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٢٣٥) صفحة (٢٨) بتاريخ (٢٦-٠٧-٢٠١٢)