رفض سياسيون وعلماء من الأزهر الشريف ما قام به الحوثيون من منع الحجاج اليمنيين من الذهاب إلى الأراضي المقدسة والحج هذا العام، ووصفوا هذا التصرف بتدويل وتسييس لشعيرة الحج، وأنه يرجع إلى تنسيق إيراني قطري في الوقت الذي تسعى إليه إيران منذ سنوات لتنفيذه، ووجدت الفرصة في الخلاف القطري مع دول الرباعي العربي للمطالبة بهذا التدويل من خلال دولة أخرى، رداً على المقاطعة.
وكانت وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية قد أعلنت أن الحوثيين، قاموا بعرقلة حجاج عن أداء مناسك الحج لهذا العام، واحتجزوا جوازات سفر أكثر من ألفي حاج وعرقلوا مغادرة مئات آخرين من مناطق سيطرتهم، ما تسبب في إرباك جدول عملية التفويج في منفذ «الوديعة» التابع لمحافظة حضرموت.
وتسعى إيران إلى إثارة قضية تدويل الحج سنوياً، وخلق أزمة قبل كل موسم حج، وسارت على نهجها قطر هذا العام عندما منعت مواطنيها من الذهاب إلى الأراضي المقدسة، وطالبت بإشراف دولي على الحج رداً على مقاطعة دول الرباعي العربي لها لدعمها الإرهاب، ولم تكتف إيران بالتحالف مع قطر لضرب الدول العربية باستغلال شعيرة الحج، بل قامت أيضا من خلال حلفائها في اليمن من الحوثيين المنقلبين على الشرعية هناك وبدعم إيراني بمنع اليمنيين من الحج، انتقاماً من المملكة العربية السعودية وبقية دول الرباعي العربي الإمارات والبحرين ومصر.
مطلب إيراني
بداية، أكد الدكتور مصطفى سالم أستاذ القانون والعلاقات الدولية، أن منع الحوثيين لليمنيين من الذهاب إلى الأراضي المقدسة هذا العام قرار سياسي في المقام الأول ويؤكد أن هناك تحالفاً إيرانياً حوثياً قطرياً لتسييس وتدويل الحج، انتقاماً من المملكة العربية السعودية، ودول الرباعي العربي لمقاطعة قطر على دعمها للإرهاب، مشيرا إلى أن هذا المطلب ليس مطلباً جديداً، ولكنه مطلب إيراني قديم منذ سنوات، وأن إيران وقطر يريدان بهذا المطلب تدويل بشكل أو بآخر المشاعر المقدسة.
وأشار الدكتور مصطفى سالم إلى أن إيران تستخدم الشعائر الدينية لأغراض سياسية، وهذا مطلب إيراني قديم، فقد منعت طهران مواطنيها من الحج في العام الماضي، وأمرتهم بزيارة ضريح الخميني وكربلاء، وطالبت بتشكيل إدارة دولية للحج، مؤكدا أن المملكة العربية السعودية تقوم بواجبها تجاه الحجاج من كل أنحاء العالم الإسلامي، بالإضافة إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، يخدم الإسلام والمسلمين بوجه عام على أكمل وجه في المشاعر المقدسة، مشيراً إلى أن هذا المطلب يؤكد أن إيران وقطر يتحالفان معاً ضد الأمن القومي العربي.
لافتاً إلى أن قطر وإيران وحلفاءها الحوثيين في اليمن يريدون أن يفسحوا المجال أمام دول غير عربية للتدخل في شؤون الدول العربية والخليجية وشبه الجزيرة العربية.
دعوة خبيثة
ومن جانبه، رفض النائب علاء عابد رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار بمجلس النواب المصري ورئيس لجنة حقوق الإنسان، ما قام به الحوثيون في اليمن من منع يمنيين الذهاب إلى الأراضي المقدسة، واصفاً هذا الإجراء بتسييس وتدويل لشعيرة الحج، ويؤكد انحطاط وتدني سياسة إيران وقطر وعصابتهم جماعة الحوثيين الإجرامية في اليمن الشقيق، وتؤكد استمرار سياسة قطر وإيران العدائية ضد الدول العربية.
وقال إن هذا الإجراء الخبيث والشيطاني من قبل جماعة الحوثيين مرفوض من جميع الدول العربية والإسلامية، ويؤكد تورط إيران وقطر في جريمة لا تغتفر، حين تحض على تدويل الحرمين، وهى بهذه الدعوات، تعلن العداء التام ليس للمملكة العربية السعودية فقط، وإنما لبقية دول الجوار والعالم الإسلامي بأكمله، كما أنها تتطابق في هذا المجال مع إيران، بشكل واضح لا لبس فيه أبداً.
وأضاف عابد، أن دعوات تسييس وتدويل المشاعر المقدسة من قبل إيران وقطر لا تصطدم مع السعودية فقط، أو الدول الأربع الإمارات والمملكة العربية السعودية ومصر والبحرين التي قاطعت قطر لدعمها للإرهاب، بل تدخل في مواجهة مع كل العالمين العربي والإسلامي، حين تحرض على تدويل الحرمين الشريفين، مؤكدا أن المتاجرة الإيرانية والقطرية بقضية الحج تدخلهما في مستنقع عميق من الوحل والوهن والتخبط والعجز، وقلة الحيلة في الوقت الذي تفتح المملكة العربية السعودية ذراعيها مرحبة بضيوف الرحمن من مختلف دول العالم.
أغراض سياسية
ومن جانبه، استنكر الشيخ منصور الرفاعي عبيد وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، ما قامت به جماعة الحوثيين من منع حجاج يمنيين من زيارة الأراضي المقدسة وأداء شعيرة الحج، واصفاً الدول التي تطالب بتدويل الحج مثل قطر وإيران بأن لها أغراضاً سياسية وهدفاً في تدمير الأمة الإسلامية من خلال تمويل الإرهابيين والمتطرفين وخلخلة الأمن العام، مؤكدا أن تسييس الحج يدخل الأمة الإسلامية في فتن كبرى تمزق وحدتها وتماسكها.
وأشار الشيخ منصور إلى أن الحج من أعظم شعائر الإسلام، وأحد أركانه الخمسة، واستغلال هذه الفريضة لأغراض سياسية، أو لتحقيق أهداف ومآرب لا علاقة لها بمقاصد الحج الشرعية، أو أي أمور أخرى تخرج هذه العبادة عن مقاصدها، لافتاً إلى أن دعوات تسييس الحج واستغلال المناسك في إثارة النعرات الطائفية غير جائز شرعاً. وأشار إلى أن ما نراه أمام أعيننا في الأراضي المقدسة يعطينا المثل الرائع بأن هناك أيادي أمينة طاهرة تعمل بجد وتحرس بأمانة وتضبط النظام العام وتحافظ على أداء المناسك، لافتاً إلى أن المملكة العربية السعودية تفتح أجواءها للجميع، حيث تقوم إيران بمظاهرات سنوية في موسم الحج، وترفع بعض الشعارات السياسية دون مراعاة للمناسك والمقدسات الإسلامية، ومع ذلك لم تمنع السعودية حجاج إيران في أي سنة من السنوات من أداء الحج والمناسك.
المقدسات الدينية
واستبعد الدكتور شعبان إسماعيل أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر الشريف، تماما أن يتم تنفيذ فكرة «تدويل الحج»، لأن ذلك فيه مساس بالمقدسات الدينية، لأن تلك المقدسات ليست آثاراً حتى يتم تدويلها، لافتاً إلى أن من أهم ما حرص الإسلام على الدفاع عنه، وعدم منع أي مسلم من أدائه فريضة الحج إلى بيت الله الحرام الذي هو أركان الإسلام، ومن حق أي مسلم أن يؤدي هذه الفريضة ولا يجوز لأي سبب من الأسباب منعه منها وإلا كان آثماً، وهو ما جاء في قوله تعالى:«يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل»، سورة البقرة الآية
المصدر: الاتحاد