سيرة بطولة خضراء

آراء

خاص لـ هات بوست: 

هل يمكن لحدثٍ رياضيٍّ سنوي فريدٍ واستثنائي واحد أن يجيب عن عدد من الأسئلة الجوهرية حول المرأة في دولة الإمارات؟

ما هي ملامح حلمها؟ وهل تنجح في تحويل الحلم إلى رؤى وأهداف قابلة للتحقيق بأرقى مستوى؟ وهل تفلح في تحقيق استدامة وتطور ونمو ومكانة هذا الحدث الفريد الذي بدأ كحلم؟

ما مقدار ما توصلت إليه من تمكين حقيقي؟ والأهم من ذلك: هل جسدت توجيهات ووصايا سمو أم الإمارات الشيخة فاطمة بنت مبارك؟ ما هي تطلعاتها الفعلية؟ وما الطريقة التي تحقق بها غاياتها؟ هل تستطيع أن تجمع بين الحداثة والأصالة؟ هل تنجح في إدارة حدث بمستوى عالمي وتفلح في التمسك بخصوصيتها وحشمتها وإرثها من القيم؟ هل تستطيع أن تبهر نفسها والعالم بحدثٍ رياضيٍّ اجتماعيٍّ أنيقٍ يُعنى بأدق التفاصيل؟

كل هذه الأسئلة وأكثر لها إجابة واحدة ناصعة هي بطولة الشيخة شيخة بنت محمد بن خالد آل نهيان للتنس SMK التي بدأت في العام 2009 كأكاديمية وبطولة تهدف إلى رعاية وتدريب وتمكين المواهب النسائية الإماراتية في التنس، لتصل بهن إلى مستوى الاحترافية العالمية، في بيئة آمنة تراعي الخصوصية.

ولأن البطولة لا تتوقف عند حدود الملعب، وبما عُرف عن الشيخة شيخة من عناية بأدق التفاصيل، ومتابعة مباشرة، ووقوفٍ على عتبة الحلم حتى يتحقق وينمو ويزدهر، كانت الملامح تحكي الكثير: تنظيم يليق ببطولة عالمية، مواهب وسواعد إماراتية واعدة وعلى قدر المسؤولية، تعاونات مع مؤسسات وطنية مرموقة تتنافس على رعاية الحدث، وتركيز على الاستدامة بمبادرات بيئية للحدّ من استخدام البلاستيك واستبداله بمواد صديقة للبيئة، وإرساء ثقافة بسيطة لكنها عميقة مفادها أن البطولات يمكن أن تكون جزءًا من الحل، لا جزءًا من المشكلة.

بملعبٍ مجهز على أعلى مستوى بموقع مثالي، واستخدام تقنيات تنس احترافية مثل «عين الصقر» للتحديد الدقيق للكرة… كلها عناصر جعلت من البطولة حدثًا رياضيًا يتجاوز المحلية ويقترب من العالمية بثقةٍ وهدوء.

وتحت رعاية كريمة من سمو الشيخة مريم بنت محمد بن زايد آل نهيان، اكتسبت البطولة بُعدًا آخر؛ بُعدًا يجعل من الرياضة رسالةً، ومن المنافسة منصةً لتمكين المرأة وإبراز وجه الإمارات الحديث الذي يعرف كيف يوازن بين الأصالة والحداثة، ويتفوق حتى على نفسه.

والحدث، الذي هو رياضي في الأساس، له أبعاد أخرى بفضل البرامج المجتمعية المصاحبة من يوغا، ومجوهرات، وعطور، وإزياء، وطعام، وألعاب جماعية، وأجواء محبة وأخوّة تضفي على الحدث الأكثر أناقة العديد من الأبعاد الإنسانية المؤثرة والعميقة.

أما أنا شخصيًا، فقد اعتدت أن أصل إلى حفل الافتتاح المبهج والمتقن، أتلمّس طريقي بين الحضور النوعي الكثيف واللافت، لأجد يدًا تمتد لتسحبني وتجلسني بجوارها على الدرج الجانبي… ولا تكون إلا الشيخة شيخة ذاتها بابتسامتها وتواضعها الذي لا يتوقف عن إثارة دهشتي وحيرتي وتقديري.

اختُتمت بالأمس الدورة الرابعة عشرة من هذه البطولة الفريدة بحفل ختام فاق كل التوقعات على مختلف الأصعدة، زانته كلمة سمو الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان التي لخّصت حكاية مشرقة بدأت بحلم امرأة اسمها شيخة، صنعت مساحة ثم صنعت حضور، ثم صنعت بطولة، أصبحت اليوم وبكل وضوح احتفالية تشبهنا وتشبه أبوظبي والإمارات، احتفالية تضع كل إمرأة إماراتية أمام تحدي صناعة حلمها الشخصي الذي ما إن يبدأ حتى يتضح أن لا حدود لطموحه وآفاقه المشرعة.