كاتب إماراتي
كنت جالساً في قاعة المسافرين في مطار هيثرو في انتظار الطائرة التي ستعود بي إلى أرض الوطن، كان ذلك في عام 2000، أي قبل 15 سنة، عندها اقترب مني رجل مع ابنه الشاب فسألني: من أين أنت؟ أجبته: من دولة الإمارات.
ابتسم وصافحني بحرارة، ثم قال: أنا لبناني، أقيم في الولايات المتحدة الأميركية، لم يسبق لي أن زرت الإمارات من قبل، لكن يشهد الله أني أحب الإمارات والإماراتيين، وأحب الشيخ زايد.
استمر في حديثه: لقد بلغت منتصف الخمسينات من العمر، لم أحترم فيها رئيس دولة كما أحترم الشيخ زايد، تعجبني حكمته، ويأسرني تواضعه، وأحب فيه بساطته وقربه من الشعب، ابتعد عن القلاقل، وتفرغ لبناء وطنه، عروبي حتى النخاع، لم يفرق بين عربي وآخر.
كانت هذه شهادة من شخص لا أعرفه ولا يعرفني، ولم تكن له أي مصلحة في هذا الحديث العابر، إنما هي كلمة حق من رجل عبّر فيها عن رأيه في شخصية عربية من أعظم شخصيات القرن العشرين.
توفي الشيخ زايد، رحمه الله، بعدها بسنوات، مرت السنة تلو الأخرى، تمر علينا دون أن تغيب صورته عن قلوبنا التي أحبته في حياته، واستمرت في الدعاء له بالرحمة والمغفرة بعد وفاته، لاتزال ذكراه حاضرة بيننا في كل شيء، حاضرة بأقواله التي نسمعها تقريباً في كل يوم، وحاضرة بدولة الإمارات التي قامت بفضل السواعد المخلصة مع إخوانه حكام الإمارات، وحاضرة من خلال أبنائه الذين أكملوا المسيرة الزاهية لدولة الإمارات.
أفكّر كثيراً، وأتامل سيرة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وأسأل نفسي هذا السؤال دائماً: ماذا لو كان لدى العرب شخصيات كثيرة مثل زايد؟ أسأل وأنا أعرف الإجابة، فلو كان هناك الكثير مثل الشيخ زايد لعاش العرب في خير وسلام واطمئنان وعز وافتخار، ولما أصبح الدم العربي أرخص من لتر الماء.
القلوب الرائعة لا تموت، وللشيخ زايد محبة لاتزال تنبض في صدر كل إماراتي والكثير من غير الإماراتيين، أحبه الصغير والكبير، القريب والبعيد والغريب، فنحن شعب، وبكل فخر، قد أجمع على عشق زايد.
المصدر: الإمارات اليوم