كاتب وإعلامي سعودي
القرارات الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز نهاية هذا الأسبوع تؤكد حرص القيادة السعودية على قضايا متعددة مهمة للوطن في حاضره ومستقبله؛ فالتغيرات التي حدثت في قمة الهرم السياسي بتعيين الأميرين محمد بن نايف ولياً للعهد والأمير محمد بن سلمان ولياً لولي العهد تؤسس لمرحلة استقرار سياسي في عملية انتقال السلطة لفترة مستقبلية طويلة، وهذا في الحقيقة ما يحتاج إليه وطننا الذي يعيش مرحلة بناء من النواحي التنموية على صعد كثيرة، وقد شاهدنا في دول كثيرة أن مكتسبات الشعوب في تلك الدول تتعرض للدمار والفوضى؛ بسبب الصراعات السياسية وعدم مواكبة تلك الأنظمة السياسية لمتغيرات العصر أو لمطالب شعوبها المشروعة. القيادة الحكيمة في المملكة، تقرأ المستقبل بشكل واقعي، يجنبنا مثل هذه الصراعات التي قد لا تبقي ولا تذر من منجزاتنا الوطنية. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، وكما أكد الملك المؤسس عبدالعزيز -رحمه الله- أن الأصلح للحكم هو من يتمتع بالكفاءة في إدارة البلاد، أتى الملك سلمان -يحفظه الله- في كلمة قالها قبل حوالى شهر، وأكد أن لا فرق بين مواطن وآخر، وأن معيار الكفاءة هو الحكم والفصل لمن يتولون الوظائف العامة، كبر أم صغر حجمها، والقرارات الأخيرة أتت معبرة عن رؤيته، سواء في المناصب السيادية أم الوزارية.
إن المملكة دولة شابة تصل نسبة الشباب فيها نحو 60 في المئة، وهذه الفئة هي من يقوم على سواعدها إكمال مسيرة البناء التي بدأها المؤسسون، وأرسوا قواعدها بكل اقتدار. جيل الشباب له أدواره المستقبلية في الحفاظ على هذا الصرح الوطني العملاق. وفي المقابل لهذا الجيل مطالبه وهمومه، والقيادة لا شك أنها تستشعر ذلك، وأقدمت على هذه التعيينات؛ استشرافاً للمستقبل والواقع الذي يفرض قضايا ويتطلب معالجات عصرية، وبرأيي أن الأميرين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان هما أهل لذلك، متسلحين بالتجربة الإدارية والسياسية والعلمية، فالأمير محمد بن نايف صاحب تجربة غنية في مجال العمل الحكومي في عدد من القطاعات ولاسيما في المجال الأمني، والكل يعرف دوره وجهوده في التصدي لمحاربة الإرهاب والذي كاد يدفع حياته ثمناً لما يقوم به في هذا المجال. أما الأمير محمد بن سلمان فهو شاب في مقتبل العمر يتصف بالنشاط والهمة والعلم والخبرة التي اكتسبها من والده الملك سلمان، لقد راقب الجميع وبتأثير اختيار العناصر الشابة التي دخلت في المناصب الوزارية في بعض القطاعات الحكومية، وهذا يحسب لهما من حيث الدينامكية والسرعة في القرار، إضافة إلى محاسبة من يثبت تقصيره من أي مسؤول، كائناً من كان، كما حدث مع وزيري الإسكان والصحة، فالتهاون بحقوق المواطنين والخدمات المقدمة لهم أصبحت خطاً أحمرَ، لا تشفع لها حداثة التعيين أو القرب أو البعد من صاحب القرار.
من حقنا أن نفرح بهذه التغيرات التي أتت مواكبة للعصر، وكلنا يعرف ما تمر به المنطقة المحيطة بنا من تغيرات جذرية عرفت بما يسمى «الربيع العربي» وما أحدثته من فوضى وحروب أهلية في بعض بلداننا العربية.
تعيين الأميرين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان، الأول معني بالقضايا الأمنية والسياسية والثاني بالشؤون الدفاعية، سيحمي وطننا مما يتهدده من الإرهابيين في الداخل والخارج ومن دول عاثت فساداً في محيطنا العربي. هذا التغير هو رسالة للخارج أن بلدنا لن يدافع عنه إلا أبناؤه بمثل هذه القيادة الشابة، وما «عاصفة الحزم» إلا مثال على هذه المنهجية الحازمة في الداخل والخارج، والتي سوف تحفظ بلادنا من كل سوء ومن كل شر.
في الختام أقول شكراً سلمان لهذه القرارات التاريخية التي أسست لمرحلة من الاستقرار لبلدنا، وشكراً لأميرنا المحبوب مقرن بن عبدالعزيز الذي أدى دوره الوطني الذي لن ينساه التاريخ، وكم فرحنا نحن الشعب في هذه البلاد من صور التلاحم التي نشاهدها لأعضاء الأسرة الحاكمة، وهم يلتفون حول الأميرين الشابين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان.
المصدر: الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Akel-Il-Akel/