عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

«شيءٌ من الكوارنه!!»

آراء

تماماً مثل أمتنا المثخنة بالجراح، كان قَدَر الشعب الكوري بعد الحرب العالمية الثانية، أن يتم تقسيمه لمناطق نفوذ بين القوى العظمى.. الفرق الوحيد أن «سايكس ــ بيكو» الخاصة بنا أنتجت 22 بلداً عربياً.. بينما «سايكس ــ بيكو» الخاصة بهم أنتجت بلدين فقط.. ربما لضيق المساحة!

شمال شبه الجزيرة الكورية يذكرنا بحقبة الظواهر الصوتية لدى شعوب أخرى.. جيش قوي وبلد منهك و«بوكيمون» ورث كروموسومات العظمة، لا يعرف متى يقرر أن يدمر العالم بصواريخه النووية.

في الجنوب بلد «واقعي»، وحكومة تعاملت مع متغيرات ومتناقضات السياسة الدولية بحكمة، وفهمت مبكراً أن الاقتصاد والتطوير والبحوث والصناعة، هي التي تصنع القوة وليس العكس.. ففاجأت العالم بأن أصبحت أحد أقوى الاقتصادات فيه، وصدّرت للعالم أفضل السفن والسيارات والإلكترونيات، رغم قلة الموارد.

تتمتع كوريا الجنوبية بعلاقات جيدة مع جميع دول العالم، عدا الجار الشمالي متغير المزاج.. ولها علاقات متميزة جداً مع دول الخليج.. واستثنائية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وهناك تعاون في مجالات عدة، خصوصاً في المشروعات الاستراتيجية بعيدة المدى. يحدثني أحد الزملاء، الذي زارها في زيارة رسمية يقول: كنا في اجتماع، وكان هناك نوع من الجليد بيننا وبين الجانب الكوري النشط، فأحببت أن أتحدث مع المسؤول الكوري في مجال آخر قبل الحديث في العمل، سألته عن كمّ النشاط والاستثمار والحركة لدى كوريا الجنوبية، رغم تهديدات كوريا الشمالية قبل أسبوع، فنظر إليَّ المسؤول الجنوبي باستغراب وقال لي: حقاً؟! هل هددت كوريا الشمالية بشيء؟!

استغرب زميلي، وظن أن المسؤول «يستعبط» عليه، على طريقتنا حينما لا نحب الحديث في السياسة، لكنه اكتشف أن المسؤول كان صادقاً، وأنه مثل معظم المسؤولين هناك لا يهتم بالسياسة، واستمع إلى تفسيره..

يقول «الكوارنه»: «حينما تكون لديَّ قيادة سياسية، وأكون واثقاً بها! فما حاجتي إلى أن أضيع وقتي وجهدي وطاقتي، في حوار أنا لست ملماً به، وقد أحرج غيري، وقد أتحدث بما لا أفقه فأحرج نفسي، القيادة هي من يدير شؤوننا السياسية، وأنا أثق بها، لذا فنحن نترك السياسة للساسة.. نقطة على السطر».

انتهت رواية صديقي، وتذكرت حواراتنا اليومية حيث يفتي الجميع.. ويضع الجميع استراتيجيات العمل.. ويغضب الجميع لأي قرار.. الكل يحلل سياسياً، وينتقد ويفسر ويهدد. تخيل لو أننا «تكورنا» في أحاديثنا السياسية.. ألن نتفرغ للإبداع في غيرها؟!

.. بالعربي «ياخي من سنه ما فزنا ف (جيم دومينو) تبا تقنعني إن رايك صح في موضوع اتفاقية (الجات).. كل (جت) والعب»!

المصدر: الإمارات اليوم