كاتب و مدون سعودي
في كل مرة يحاول البعض أن يشوه صورة ديننا الحنيف من خلال تصويره على أنه نواة للتطرف والكره، ونهج للحروب والقتل والدمار، يتجدد إيماننا بحقيقة عظمة هذا الدين من خلال قراءتنا الصحيحة له، إذ من رحمته على البشر أن أتى ليحدد مسالك الحياة وأسس التفكير والقياس والاجتهاد؛ كي يتحقق الهدف الأسمى للإنسان بحياة كريمة في الدنيا والنعيم الأبدي في الآخرة.
إسلامنا العظيم ليس الفرد أو الجماعة أو هذا الاسم أو ذاك، بل هو الوحي الإلهي الذي يعلم ما في الغيب وبواطن الأمور، وهو التشريع الذي بني وفق المصلحة العليا وليس وفق تفسير إنسان وهوى آخر، وبالتالي فالقول إن الإسلام يجسده ذاك الداعشي أو ذاك الإرهابي هو قول مردود عليه، فما يقوم به المسلمون ليس بالضرورة هو الإسلام، كما أن الإسلام لا يمكن أن يجسد كما هو الحال في فلسفات وأديان أخرى في فرد معين أو ممارسة جماعة.
في مجتمعنا يختلف الجميع تقريبا حول الكثير من القضايا الحياتية الحديثة، فلن تجد اتفاقا مهما حاولت حول مسائل كعمل المرأة أو الاختلاط أو عمل البنوك أو شرعية الأسهم أو التأمين أو العمل في الشركات الأجنبية إلخ، وإن كنا دائما ما نجد التنظير هو السمة الغالبة في تحديد المواقف، إلا أن هناك من يمتلك الجرأة في الخروج بقوله وفعله دون خوف، مثبتا في ذلك للجميع أن أصحاب المواقف الثابتة لا يخافون في الله لومة لائم، وما قام به الشيخ أحمد قاسم الغامدي قبل يومين من الخروج أمام الجمهور تلفزيونيا مع السيدة زوجته كاشفة وجهها ما هو إلا دليل على قناعته بموقفه المعلن، وليرد بثقة على كل من طالبوه بأن يخرج بزوجته علنا إن كان بالفعل مؤمنا أن وجه المرأة ليس بعورة.
موقف الشيخ أحمد، وهو مسؤول سابق في هيئة الأمر بالمعروف وهي المؤسسة الدينية الرسمية، يدل على أن ديننا الحنيف ليس ما يروج له بعض المغرضين من أنه دين تطرف وانغلاق، ورغم أني لست مع فكرة توصيف الدين بفعل أتباعه، إلا أنه ومن منطلق إثبات الحجة وفق ما يقبله الطرف الآخر فإني أقول، إن ما قام به الشيخ أحمد يثبت لنا جميعا أن الآراء التي قد يعتقد البعض أنها مسلمات ليست دائما كذلك، وأن الإسلام هو دين صالح لكل زمان ومكان، وأن النظر إلى الحياة من منظور معاصر لا يتنافى مع الأسس والمصالح التي نزل بها الدين لتحقيقها، كما أن النظر إلى الحياة بنظرة أكثر تماشيا مع روح الدين هو مطلب يتفق معه جميع المعتدلين في المجتمع بصرف النظر عن قناعاتهم الفكرية.
المصدر: الوطن أون لاين
http://alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=24267