كاتب سعودي
فتحت عيني صباح أمس على فنجان القهوة المعتاد وعلى انفجارات بغداد الثلاثة؛ المعتادة أيضا. من أسوأ ما يمكن أن يشعر به إنسان أن يكون من أمة تُصبحها الأخبار والشوارع على دوي الانفجارات وأشلاء الموتى وبؤس النازحين واللاجئين. فرق صباحي أمس أنه كان في إستانبول حيث يقف كل خمس دقائق عجوز أو طفل أو أب سوري على طاولتي يشحذ قوت يومه بعد أن هجر من بلده التي ما يزال رئيسها يقول إنه يحافظ على سوريا الكريمة الموحدة!!
سياسات الأنظمة الملعونة، التي لم تكتف ببناء دول التخلف وأحزمة الفقر فيما سبق، هي المسؤولة تاريخيا عن ما آلت إليه مصائر دولها وشعوبها وليس كما يشاع، في وسائل إعلام هذه الأنظمة، أن هذه الدولة في الغرب أو تلك الدولة في الشرق هي السبب فيما انتهت إليه من دمار وفشل.
لو أن هذه الأنظمة تعاملت مع شعوبها بمنطق الدولة الحقيقية وليس بمنطق العصابات والطائفيات العاتية لما كان هذا حالها وحال شعوبها؛ ولما تحولت إلى خرائب رغم كل ما لديها من إمكانات الحياة والتنمية.
لا أحد يمكن أن يتخيل أن تكون كوريا الجنوبية سوريا اليوم ولا أن تكون سنغافورة ليبيا ولا ماليزيا يمكن أن تكون عراق الانفجارات أو يمن الحوثيين. وليس بإمكان أي قوة على الأرض أن تخترق استقرار هذه الدول الناجحة أو غزو نسيجها الوطني لأنها اتفقت، أنظمة وشعوبا، على مبدأين ثابتين: العدل والتنمية. وهما مبدآن يملكان قوة فولاذية قادرة على صد أي هجوم أو تربص من أي كان.
إذن فإن السبب الرئيس في فشل هذه الدول العربية ليس من خارجها بل من داخلها؛ وبالتحديد من أنظمتها السياسية التي لا تزال على وتائرها القديمة في إدارة الدولة. تلك الوتائر التي تُمارس الطائفية والتفريق بين أبناء الوطن الواحد وترتكب الظلم والفساد وتريد من شعوبها أن تخضع لحديدها ونارها.
المصدر: عكاظ